وطن_الداخل مقال لـ : فتحي بن لزرق
شمسان بوست: فتحي بن لزرق
انا واحد من اليمنيين الذين تمسكوا بالبقاء داخل البلاد رغم الهوائل التي رأيتها بأم عيني وخلفت بداخلي ندوب لايمكن لاي زمن ان يمحيها.
بقيت في منزلي في “عدن” وانا مع كل لحظة أنتظر ان يٌكسر باب منزلي لأذهب في رحلة بلا موعد عودة.
بقيت داخل هذه البلاد وانا مع كل خروج من منزلي أشعر انه “الخروج الأخير”.
ورغم ذلك تمسكت بالبقاء داخل هذه البلاد إيمانا مني إنني في اللحظة التي سأغادر فيها البلاد لن استطيع ان اكتب حرف واحد عن معاناة الناس وقضاياها ولن يكون مقنعاً لاحد ان تتحدث عن أشياء وانت أبعد الناس عنها ولن أكون أهلاً لذلك.
وخلال 3 سنوات مضت تنقلت بنفسي وأسرتي واطفالي بين محافظات يمنية عدة وفي ظل ظروف صعبة للغاية وجربت سهر الليالي مع البعوض والحر وانعدام الكهرباء وعشت في قرى لاتتواجد فيها ابسط مقومات الحياة وصعدت تلال كثيرة باحثا عن إشارة الثري جي وجربت الخوف بكافة اشكاله.
ولم يكن يومها الأمر بحثا عن بطولة او ادعاء شهامة لإنني في المجمل لم اكن اقل للناس قط أين انا ولم اكتب عن ذلك ولم أطلب مساعدة من أي حد وصفحتي هذه شاهدة ؟
ولكنني كنت اؤمن انني كصحفي لن استطيع ان اُقنع أي شخص بإي حديث عن قضية ما ومعاناة ما ووطن ما انا بعيد كل البعد عنه.
ولن يكون للدفاع عن القضايا الوطنية قيمة ما وانت التارك لساحتها،الغائب عن اوجاعها.
وفعلت كل ذلك وانا القادر ان اتجه الى أطرف مطار وان اختار الوجهة التي اريد واعيش معززا مكرماً في أي وطن أريد.
أكتب هذه الخاطرة اليوم فقط لكي أقول لكل مسئول ان الوطن لن يستعاد من خارجه أبداً.
راجعوا التاريخ لم يحدث قط ان أُستعيدت بلداً ما من خارجها.
واليوم حينما أقرأ ان بعض مسئولي الدولة يرفضون العيش داخل اليمن متذرعين بإن الأوضاع لاتسمح ببقاء اسرهم في هذه البلاد أستغرب واستعجب.
كيف يمكن لهؤلاء اقناع أي طرف انهم أصحاب قضايا حقة وانهم قادرين على الانتصار لقضاياهم وهم غير قادرين على العيش داخل هذه البلاد؟ ..
كيف ستعيد للناس الأمل باستعادة دولتهم وانت لاتعرف عنها شيء منذ 8 سنوات؟
وكيف ستنتصر للناس في معركة وانت بعيد عن ميدانها..
لم يعد ممكناً اقناع احد بخلاف ذلك.
فتحي بن لزرق
عدن .. 22 ابريل 2022