على هامش إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن ..
شمسان بوست / كتب – عبدالكريم سالم السعدي
تعنت الحوثيين للأسف وتماديهم في عرقلة أي جهود لم تعد تمثل المعضلة الوحيدة التي تقف أمام جهود السلام في اليمن, وإن كانت تمثل العائق الأكثر بروزا في هذه المرحلة.
ولكي نرى الصورة بكامل زواياها, تعالوا لنجتاز المراحل بخيالنا ولنفترض جدلا, وصول قوات (مجلس مشاورات الرياض القيادي) إلى صنعاء والسيطرة عليها وطرد الحوثيين, فماهي الخطوة اللاحقة وإلى أين ستؤدي في ظل غياب واحدية هدف هذا المجلس, وفي ظل تشرذمه إلى قوى ومليشيات كل منها يدين بقراره لطرف من أطراف الإقليم؟
الحقيقة أن هناك معضلات كثيرة تواجهنا لا تقل خطورة عن معضلة مليشيا الحوثي وهي شبيهة لها من حيث التكوين والتمويل والولاءات ، فإن كانت معركة المجلس هي للضغط على الحوثي للالتحاق بعملية السلام والشراكة فإن قبول الحوثي بهذا الأمر في ظل وضع القوى المقابلة الحالي لن يضع نهاية لمشكلة اليمن بقدر ماسيمثل بداية جديدة لمعركة سيخوضها الحوثي في دهاليز قوى المجلس المتنافرة والمتصارعة والرافضة للقبول ببعضها وللتخلي عن قواتها ومصادر دعمها لصالح مؤسسات الدولة ، وحتما سيكسب الحوثي هذه المعركة فليس هناك أسهل من الغوص في خلافات المتصارعين!!
وإن كانت معركة المجلس تهدف إلى استئصال الحوثي, وهو الأمر المُستبعد ليس لقوة الحوثي وتعنت الحوثيين ولكن لواقع مصالح الأطراف الإقليمية في المنطقة والعالم والتي تدير نشاط أدوات الصراع في الداخل فإن الوصول إلى صنعاء وإنهاء الحوثي سيلقي بنا إذا ماتحقق إلى واقع جديد يجعلنا أقرب إلى استمرار الحرب من انهائها ، لأننا سنكون حينها في مواجهة مشهد جديد يتمثل في (مليشيات اجتمعت مصالح ولاة أمرها في مرحلة ما وازاحت مليشيات أخرى) ، وسنحتاج حينها إلى ضمانات بعدم اختلاف مصالح أولياء أمر مليشيات وقوى المشهد بحيث لا نجد أنفسنا يُعاد تحشيدنا من جديد لخوض معارك أخرى بالنيابة ويستمر الوطن ساحة لتلك المعارك؟
هناك مثل متداول في ريف محافظة أبين يقول (ذي ما بيّت ماضمد) وهذا المثل يعني أن الذي لايستعد ويتهيأ لحرث الارض ويستكمل ضروراته لن يستطيع إنجاز العمل ، والمجلس القيادي وخلفه الدول التي تقاسمت وجوده واهدافه ، أرى أن عليهم أولا أن (يبيتوا) من خلال حل قضايا اختلافهم ويجتمعوا على هدف واضح ، أما ذهاب المجلس إلى ساحة المعركة وكل طرف فيه يحمل هدف معارض ومختلف مع هدف من يشاركه الخندق فهذا أمر لن يؤدي إلى إنهاء مأساة اليمن ولكنه في أحسن الاحوال سيؤدي إلى التدشين لمعارك جديدة متعددة الأوجه والغايات سيكون ابطالها فرقاء المشهد الجديد !
إذا كان مجلس قيادة مشاورات الرياض مجرد تجمع عسكري مسلّح متنوع ومتخالف لايجمعه إلا مقاتلة الحوثي وليست لديه رؤية لما بعد ذلك ، فالمجلس هُنا يعتبر مجلس حرب (سعودي إماراتي) وليس مجلس قياده يمني وبالتالي فإن ضرر معاركه سيكون أكبر بكثير من نفعها على اليمنيين ، أما إذا كانت لدى المجلس رؤية لمابعد الوصول إلى صنعاء فالأمر يختلف ، وهنا لا بد من طرح تلك الرؤية على كافة القوى الوطنية في الساحتين الشمالية والجنوبية خصوصا القوى التي استبعدتها مصالح دولتي (الامارات والسعودية) من مخرجات مشاورات الرياض وذلك لإشراكها والاستفادة من طاقاتها طالما والمعركة ذات هدف ورؤية يمنية!!