مقالات

واقع التناقضات ..التحدي الأصعب !1 يوليو 2021

شمسان بوست / كتب – محمد الثريا – 2021

هنالك تركيز كبير على الخلاف بين الشمال والجنوب لكن يبدو ان واقع الامر بات أكثر تعقيدا من ذلك.
فالحرب المستعرة اليوم والتي كما يبدو انها أخذت بعدا إقليميا ودوليا لم تستطع هي الاخرى التوقف عند ذلك الخلاف التقليدي والبناء عليه بل على العكس تبين ان الازمة اليمنية هي أزمة مركبة من اكثر من قطعتين وليس كما يخيل بغير ذلك ، وان هنالك بالفعل هويات مناطقية متعددة في البلاد تتجاوز التصنيفات القائمة على اساس الشمال والجنوب .

لذا سيبدو من الصعوبة ربما الحديث عن إمكانية إعادة صياغة الخارطة السياسية اليوم وفقا للصورة التي كانت قائمة بين الشطرين قبل عام 1990م وبطبيعة الحال يأت ذلك لإعتبارات وعوامل عدة جاء بعضها عقب حرب صيف 94م فيما جاء الاخر عقب حرب 2015م .
وهو الامر الذي قد يكون ربما سببا وراء تكرار تصريحات الاقليم والمجتمع الدولي حول الالتزام بمشروع الدولة الاتحادية واعتباره الانسب بالنظر الى تفاصيل وخلفيات الصراع اليمني ماضيا وحاضرا.

لايمكن تجاوز حقيقة ان التقسيم على اساس الشمال والجنوب يخفي انقسامات عديدة بين السكان. ومع ان الوضع لازال صحيحا على جانبي الحدود القديمة بين الشمال والجنوب الا ان شبح الانقسام الداخلي لما وراء تلك الحدود بات واضحا مشاهدته اليوم اكثر من اي وقت مضى.

فمثلا سنرى ان الحراك الجنوبي ومن بعده المجلس الانتقالي عانيا كثيرا من مشكلة الانقسامات الداخلية بين الجنوبيين مما ساهم كثيرا في تشويش الرؤية امام الحلفاء والحسم لصالح دعم طرف ومشروعه دون الاخذ بالحسبان تداعيات وتبعات التباين والخلاف الداخلي مستقبلا حال تجاوزوا ذلك الواقع .

وليس بعيدا عن ذلك لازال الشمال العتيد يعاني هو الاخر انقساما داخليا رجح الى حد كبير تغول الاقلية الحوثية وتصدر مشروعها للمشهد هناك عدا ان هذا لايعني ان الامر قد حسم شمالا وان المشاريع الاخرى لم تعد ذات ثقل.
من هنا ايضا تعود ذات الصورة في الاهتزاز مجددا امام الحلفاء ويصعب مرة اخرى التعاطي مع طرف دون غيره.

ان استمرار هذا الانسداد وتمحور المشهد بهذا الشكل النشط شمالا وجنوبا سيدفع بالتاكيد الى تعزيز وتنامي حضور سيناريو الدولة الاتحادية من اقاليم عدة وتغليب هذا المشروع السياسي لدى متعهدي ملف الازمة اليمني كإطار سياسي يعكس حقيقة الصراع والازمة ويضم تناقضات البلد السياسية .
كما ان تجزئة اي بلد يضمن حقيقة فقدانه لثقله السياسي والاستراتيجي تجاه محيطه ويسهل كثيرا في بقاءه رهينا للتجاذبات والتبعية، وهو المطلوب لدى دول الإقليم وحلفائها الدوليين ممن لهم علاقة بالصراع في اليمن.  

لكن السؤال الابرز هنا.
حتى وان سلم الاقليم والعالم بهكذا مشروع اتحادي هل تعتقد ان قوى الداخل بمختلف توجهاتها ستسلم به وتساعد في تحوله الى واقع سياسي وجغرافي جديد؟واين سيكون موقع القوى المتنفذة وتحالف الظل من هذا الواقع؟
الصورة أدناه تعبير بسيط عن واقع طارئ تمثل حينها فقط في واقع (تناقضات الحرب) أما واقع (تناقضات الصراع والازمة السياسية) فهي اكثر تعقيدا وتمحورا .

مقال 1يوليو
.
بضعة مشاريع (أغلبها تكميلية) ودعم مالي (بطريقة التقطير) لاشك أنه ليس كافيا لتثبيت خطوة التحول الأخيرة وتعزيزها كخيار إستراتيجي تقدمه السعودية والإمارات للعالم في مواجهة الخيار الإيراني باليمن .
هناك حاجة ماسة إلى تحصين مجلس القيادة جيدا، وتأكيد دعمه سياسيا وإقتصاديا وحتى عسكريا إذا أراد التحالف فعلا مخاطبة المجتمع الدولي بلغة دوبلوماسية مسموعة .

وعموما، كلما شعرت بأنه من الممكن أن أكون مجحفا في وصف طبيعة العلاقة والطريقة التي يتعامل بها الأشقاء مع مكونات الشرعية بأنها علاقة تفتقر كثيرا لتقدير ولاء الأخر، ويغشاها غالبا وجه الإستغلالية والإمتهان للطرف الأضعف، فإنني عادة ما أذهب مجددا لمشاهدة فيديو الدكتور فارس ومراجعة المنشور الذي علقت به قبل اشهر على مادة الفيديو، لاتأكد حينها مرة أخرى أن وصف العلاقة تلك كان في محله أو يكاد .

دعنا نتابع الفيديو سويا ومنشور التعليق عليه في ديسمبر العام الماضي :
لم أكن مخطئا حينما تحاملت على علاقة قطبي الخليج بأتباعهم في المنطقة مقارنة بعلاقة إيران مع أتباعها هناك ..!

اليوم، د.وليد فارس الخبير في العلاقات الدولية ومستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث عن أربعة شروط غير معلنة تضعها إيران ك(سعر) للعودة إلى المفاوضات الخاصة بالاتفاق النووي، وهي حسب ما فهمته من حديث السيد فارس :

– إزاحة الحوثيين عن قائمة الإرهاب، على إعتبار أن قرار تصنيفهم معلق فقط، وهناك مشروع في الكونجرس حاليا يتم السعي لتفعيله ردا على تصعيد الجماعة وتعنتها .
– عدم السماح بفتح اي صراع مع حرب الله اللبناني، وأعتقد في هذا إشارة إلى غلق ملف تحقيقات المرفأ، وأيضا توتر العلاقة بين لبنان ودول الخليج بسبب دور الحزب وتدخلاته .

– المحافظة على نظام الأسد في سوريا، وهنا في رأيي تعبير عن إنزعاجهم تجاه موقف واشنطن بهذا الشأن والتصريحات الأميركية الأخيرة حول مستقبل الأسد .
– الإنسحاب الكامل للقوات الأميركية من العراق وضمان عدم عودة أي دور لها مستقبلا .
لم يفصح الأوروبيون والأميركان عن سبب فشل الجولة الأخيرة في فيينا واكتفوا بالقول حينها أن الجانب الإيراني قد وضع اشتراطات غير واقعية، وغير بناءة .

وفي رأيي ان الشروط الأربعة تبدو ذات كلفة واقعية ومعقولة تطلبها طهران للعودة إلى المفاوضات فقط، لاسيما اثناء النظر للمكاسب التي تحققت من خلال أذرعها بالمنطقة، أما كلفة العودة إلى تطبيق الإتفاق النووي فهي قطعا إشتراطات تتعلق بالشأن الداخلي الإيراني، أي أمور خاصة بتمكين النظام وإقتصاد الدولة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار