مقالات

لاحضور حقيقي ولاتعاطي لائق سيسمح لليمن تجاه زيارة بايدن للسعودية !!

شمسان بوست / كتب: محمد الثريا

وفي الواقع أن تغييب الجانب اليمني بهذا الشكل ليس وليدة اللحظة ولم تكشفه قمة جدة وحدها، بل هو واقع مؤسف يعيشه ملف الصراع اليمني منذ بدايته، وسنجد مجددا أن ذلك الواقع لايمثل في حقيقته سوى إنعكاسا سيئا لهيمنة البعد الإقليمي للأزمة اليمنية على واقع الصراع بالداخل “البعد المحلي” .

ماذا يعني السماح للرئيس العليمي بحضور هامش القمة فقط في حين أن ملف الصراع باليمن يمثل أحد أجندات تلك القمة وضمن محاور النقاش المهمة خلالها؟
أزمة اليمن التي تعتبر اليوم إحدى أهم قضايا الأمن الإقليمي ..كيف لها أن تحال إلى طاولة النقاشات الهامشية للقمة المشتركة بجدة؟

لكن وبالمقابل، كيف نفهم موقف وتصريحات وزير خارجية اليمن نفسه إزاء غياب بلده عن طاولة القمة؟ اليس من غير اللائق إكتفاء الوزير بقوله تعليقا على عدم مشاركة اليمن في إجتماعات القمة تلك : ( أن هناك دولا عربية شقيقة ستشارك فيها، وما يهمنا هو أن تكون القضية اليمنية مطروحة على أجندة القمة )؟

(مقالات متفرقة من الارشيف)

تزامنا مع زيارة بايدن إليها، يبدو أن السعودية قد قررت مجددا تجديد مفاوضاتها المباشرة مع الحوثيين للخروج بإتفاق يضمن أمن حدودها .

وحقيقة؛ لاأعلم بعد ذلك الحال التي ستكون عليها بقية أطراف الداخل المنخرطة في الصراع عقب إبرام مثل ذلك إتفاق سواء أتجهت الأمور للحرب أو للتسوية السياسية ! غير أن المؤكد آنذاك هو أن موقف الحوثيين سيكون أكثر تماسكا والسعودية أكثر أمنا .

كما لاأدري بأي وجه سيخاطب به هؤلاء الأخرين عن الدماء التي سفكت طيلة السنوات الماضية، والمعاناة التي لازالت تفتك بالشعب حتى اليوم ! 
بصراحة الأشقاء كانوا واضحين معنا منذ البداية وظلوا يتعاملون حسب قاعدة : (الموقف وفقا لحجم المصلحة القادمة منه) .

أمس الكل رفع شعار الحسم العسكري والتحرر من الأخر، واليوم الكل يجنح للهدنة وفي الطريق للحل السياسي المعلب( إنفصام حسب الظروف )، وفي خضم تناوب هذين المشهدين تبقى مشكلة البضاعة حقنا أنهم لازالوا ماسكين خط التبعية العمياء ولحن النغمة هذه :
فتحي ياوردة ..فتحنا .
غمضي ياوردة .. غمضنا .

كيف يمكن تفسير غياب اليمن عن قمة مشتركة أحد ملفاتها “الهدنة في اليمن”؟

لاأظن الأمر يتعلق بعائق الكم العددي الذي بات عليه حيز التمثيل السياسي لمؤسسة الرئاسة اليمنية عقب عملية التحول السياسي الأخير بقدر ماهو تأكيد أخر على هيمنة البعد الإقليمي على ملف اليمن وإختزال قراره في رؤى وأجندات الدول ذات الصلة بالصراع، والذي يأتي بطبيعة الحال على حساب البعد المحلي للأزمة ودور الداخل في صنع مسار أي حوارات أو مفاوضات تتعلق بحل الصراع .

من المؤسف إستمرار التعامل مع اليمن بوصفه الجائر حديقة خلفية للجوار، في حين كان سيمثل حضوره تلك القمة أول تأكيدات صدق النوايا والجهود التي تحدثت مؤخرا عن رغبة الأشقاء ضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي .
الإتحاد الاوروبي : اليمن ظل لفترة طويلة جدا في أزمة لم نسمع عنها كثيرا وصراعا منسيا .

ولكن، ماذا عن جلسات مجلس الأمن الخاصة بمناقشة الأوضاع باليمن طيلة السنوات الماضية، وكذا تقارير المبعوثيين الأمميين خلالها لدى اليمن؟
أيعقل أن لاعلم بكل ذلك لدى سفير الإتحاد الأوروبي باليمن وبقية المسؤولين الأوروبيين؟
يبدو أن حتى الإتحاد الأوروبي يود هو الأخر ممارسة دور جحا، يكذب الكذبة على مستمعيه ويمعن فيها حتى يصدقها هو في النهاية .

أعتقد أن الحدث الأبرز خلال الفترة القادمة سيكون زيارة بايدن المرتقبة للسعودية رغم أن الزيارة ستشمل عددا من دول المنطقة، بينما ستشكل في رأيي لحظة مصافحة بايدن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إذا حدثت عنوان التحول الأهم في ملف العلاقة المتوترة بين البلدين ومنها إنطلاقا نحو حدوث تحول كبير في مسار الملفات الساخنة بالمنطقة وخارجها .

وسيكون من المتوقع هنا أيضا إفراد مساحة مهمة لحرب اليمن ضمن أجندات تلك الزيارة، والتي إذا ما نجحت في مبتغاها ستعني أن ملف اليمن قادم دون شك على تحولات هامة تنتظره، والأرحج أن من شأن تلك التحولات أن تفض إلى تحريك مياة الأزمة الراكدة منذ سنوات .

عودة الفوضى إلى المناطق المحررة في هذا الوقت لاتعني سوى أن الرباعية قد قررت البدء بتهيئة المزاج العام نحو القبول بواقع الحلول المطبوخة التي تطرح في مقرراتها الحوثيين طرفا رئيسيا في السلطة والقرار .
ومن خلال تسويق فكرة أن الجنوح لشراكة مع الحوثيين سيكون أفضل بكثير من الإستمرار في الفوضى والإنهيار الإقتصادي فإنه حينها بصدد أن يمض متعهدو الملف اليمني عمليا في طريق نقل الفوضى بين المحافظات وتوظيف المعاناة الانسانية حتى ترسيخ تلك الفكرة وتطبيع القناعة لدى الشارع في قبول الشراكة مع الحوثيين بوصفها المخرج من نفق العنف والفاقة .

إن أقسى ما يمكن أن يرتكبه أطراف الصراع من جرم في حق جمهورهم كلما حاول أن يستفيق من سكرة وعودهم وخدرة مشاريعهم هو العودة الى إطعامه مزيدا من وجبات تغييب الوعي، وعلكة الخطابات الشعبوية حفاظا على زخم الصراع وديناميكيات إطالة أمده؛ في حين أن الحرب هذه قد كشفت عن كثير من زيف إدعاءات أطرافها، وحقيقة ما تصبو إليه .

ما الطائل من إشادة أعضاء مجلس القيادة بحزمة المساعدات السعودية في نقاش اللقاء الخاص مع السفير الأميركي؟
وهل من الواجب تكرار عبارات الثناء على دور السعودية والإمارات باليمن خلال لقاء يفترض أنه مخصص لتناول أوجه العلاقة مع دولة أخرى مهمة والحديث بإهتمام مع سفيرها حول  أهم الملفات والقضايا التي عقد اللقاء أصلا لمناقشتها؟
لايجب أن يعطي مجلس القيادة إنطباعا سيئا لدى المسؤولين الغربيين وبقية المجتمع الدولي في كونه مجرد إداة للآخرين، وأن الحديث معه لايختلف عن الحديث مع المسؤولين بالجوار ..

ربما من الواجب على رئيس وأعضاء مجلس القيادة إظهار بعضا من الذات المستقلة بكينونة المجلس والمعبرة أكثر عن قضيته وليس تقمصه كامل الدور المعبر عن قضايا ومصالح الأخرين وأن كانوا يمثلون الداعم الرئيسي لكيان المجلس .
وكما أن هناك أخلاقيات تبيح لهم مدح الداعم والعلاقة معه، فهناك أيضا قبل ذلك واجبات وطنية تجبرهم على ترك الثناء المفرط، والعمل سريعا بإتجاه كل ما من شأنه تخفيف المعاناة عن شعبهم وتحقيق السلام لبلدهم .

إن تجزئة أي بلد يضمن حقيقة فقدانه لثقله السياسي والإستراتيجي تجاه محيطه، ويسهل كثيرا من واقع بقائه رهينا للتجاذبات والتبعية المطلقة لقوى الوصاية، وهذا مع الأسف ما بات يعتمل في اليمن منذ مدة وتمارسه دول الإقليم وحلفائها الدوليين ممن لهم علاقة بالصراع في اليمن بطريقة مباشرة وغير مباشرة .

ولذلك كنا دائما ما نحذر من خطر التسليم بمشروع الكانتونات الأمنية، وخطيئة السماح بتأطير واقع الحرب سياسيا، بإعتباره واقعا يستهدف سلامة البلد ويقوض حضور أي مشروع وطني حقيقي فيها .
وإذا ما أردنا الحديث حقا عن رغبة حقيقية لإخراج البلد من نفق الصراع الحالي، فإن ذهاب الأطراف إلى مفاوضات التسوية السياسية لحل النزاع بينها ينبغي أن ينطلق من واقع القناعة المؤكدة لديها بحتمية هذا السبيل وضرورة تجاوز عقباته، وليس في كونه خيارا مفروضا عليها أو مناورة سياسية تؤديها بإيعاز .

حتى مع عملية التحول الأخيرة التي طرأت عليها؛ لازالت الشرعية الحلقة الأضعف في الصراع ويبدو أن هناك أكثر من جهة لديها مصلحة في بقاء كيان الشرعية ضعيفا ومشتتا تمزقه الخلافات وينخره الفساد .
وإستنادا إلى الحقيقة المؤسفة تلك تخيل حينها طبيعة أي تسوية سياسية مفترضة لحل الصراع، وأيضا شكل مستقبل البلد عامة في ظل إستمرار الواقع الذي لازالت تظهر عليه الشرعية باليمن .

سيبدو حقيقة، أنه بات من غير المنطقي إستمرار المطالبة بفتح المعابر وإنتظار إستجابة الحوثيين لتلك المطالبات، وهم الذين لم يستجبوا أصلا لتحذيرات إستمرار خرقهم بند الهدنة الرئيسي والمتمثل بوقف جميع العمليات العسكرية .
اليوم فقط، لم تفصل سوى ساعات قليلة بين لقاء العرادة بالسفير الأميركي وتأكيد حرصهما على إستمرار الهدنة وبين الهجوم العسكري الذي شنته قوات الحوثيين على مأرب “جبهة المخدرة”؛ في إنتهاك صارخ للهدنة، وربما في تحد واضح للجميع من الجماعة التي لم تتوقف بالأساس عن إرتكاب مثل تلك الخروقات منذ اليوم الأول لاعلان الهدنة الإنسانية باليمن .

كيف يمكنك التعامل مع جماعة مارقة لاتؤمن بالسلام ولاتحترم المواثيق وأيضا تحضى بموقف دولي متماه كثيرا مع تصرفاتها دونما إمتلاكك قوة ردع حقيقية لمواجهة عدوانها، وحتى تجاوزتها في حالة اللاحرب؟
السؤال موجه للشرعية ومكوناتها ( رأس الحربة في مواجهة المد الإيراني باليمن كما توصف ) .

ليست الإشكالية في إيجاد الحلول وتفعيلها بل في قناعات المتحكم بالقرار ورغبته في إيجاد واقع مستقر .
عندما ينظر إلى المشكلات الإقتصادية والخدمية على أنها أوراق تأزيم متجددة وناجعة ينبغي توظيفها سياسيا كإحدى ديناميكيات إدارة المشهد فإنه من الطبيعي حينها ان لاتجد أليات المعالجة لتلك المشكلات سبيلها نحو المساهمة في حلحلة الوضع الاقتصادي وتطبيع واقع الاستقرار .

إعادة تشغيل مصفاة عدن مجرد مثال حي يتحدث عن ألية حل يتم تحييدها عمدا للإبقاء على واقع أزمة المشتقات النفطية قائما، وبطبيعة الحال يأتي ذلك دائما لحسابات سياسية تتعلق بإدراة المشهد كما أوضحنا .

دونما التطرق لطبيعة الرسالة التي حملها والدور الذي لازال يلعبه رئيس وزراء العراق في مساع إذابة الخلافات وإعادة العلاقة بين الرياض وطهران فإن أكثر ما لفت نظري وكثيرين هو نمط الإستقبال الذي وجده الكاظمي لدى كل بلد منهما؛ وأترك تعليق الصورة هنا لنظرة القارئ وتصوره الخاص حولها.

لطالما اعتبرت ان مصطفى الكاظمي هو أكثر شخصية شيعية سياسية متحررة،   وأن حقبته ستكون دون شك إستثنائية اذا ما وجدت طريقها للإستمرار .
ومن الملاحظ اليوم ايضا تنامي العلاقات السعودية العراقية بفضل سياسات حكومة الكاظمي وتحديدا في الجانب الاقتصادي .

هل يتذكر أحدكم، مهاجمة ناطق الحوثيين لوزير خارجية حكومة الكاظمي على إثر إدانة العراق للهجمات الصاروخية التي تعرضت لها الامارات قبل أشهر؟  
عموما، نتمنى أن يسهم الرجل في تقريب وجهات النظر بين السعوديين والايرانيين لما لذلك من إنعكاسات ايجابية على عديد الملفات الساخنة بالمنطقة .

زيارة وفد البنك الدولي إلى عدن معروفة الغرض ومحددة المهمة وقد أشرنا في حديث سابق إلى الإطار الذي قد تنبثق منه مثل تلك الخطوات ودوافعها .
في رأيي أن زيارة السفير الأميركي إلى حضرموت هي من تحتاج إلى تسليط الضؤ عليها أكثر .
وبعيدا عن وصف السفارة الأميركية لطبيعة الزيارة تلك إلا أن المؤكد ـ غير المعلن ـ انها تحمل أبعادا عدة أخرى وتضع تساؤلات كثيرة؛ وأن معرفة بعضا من أبعادها وتفسير أهم تساؤلاتها سيصنع لنا تصورا مهما حول مستقبل الأزمة وأدوار اللاعبين فيها ..!

لطالما ركز المسؤولون الامريكيون على زيارة حضرموت خلال فترة الصراع المنصرمة؛ وزيارة السفير المعين حديثا ليست إلا إمتدادا لرؤية أميركية ثابتة بشأن دور حضرموت المستقبلي والمحوري الى حد كبير في تحديد مسار الصراع، وربما حتى في شكل الدولة عقب توقف الحرب .

لاخلاف أن حديث الزيارة سيكون مستفيضا حول شركات النفط والمصالح الأميركية هناك، لكن أيضا البعد السياسي يبقى هو الميهمن دائما  .
ومع تحول الغناء إلى مهنة مربحة وبالتزامن مع تنامي ثورة التكنولوجيا، الوسيلة التي خدمت إلى حد كبير إنتشار تلك المهنة فقد بات من الصعب مؤخرا عدم ملاحظة حجم  التزايد المطرد في عدد المطربين حتى أنني تذكرت على إثر تلك الطفرة الطربية نبؤة الإعلامي الراحل حمدي قنديل في برنامجه الشهير قلم رصاص وقبل أعوام طويلة حين قال : “قريبا، لكل مواطن عربي مطرب”.

في وضع كالذي نعيشه اليوم، لاتلوموا الناس إذا ما ترحموا على أيام (صالح)، فجميع من قدموا إلى السلطة بعده فشلوا في إحلال واقع أفضل منه أو على الأقل في الحفاظ على واقع مواز لواقع (صالح) .
وفي الحقيقة لايقف الأمر عند هذا المستوى من سؤ الواقع وحسب، بل حينما ولدت إرهاصاته السياسية شيئا من سؤ الطالع لدى الناس وأصبحوا لايرون في من يتصدر مشهد اليوم سوى مزيجا سلطويا مرتبكا يقف بهم على حافة مصير مجهول .

ولمن يضع حجة البند السابع مبررا لفشل البديل وناقضا للمقارنة بين الواقعين، فإنه من المهم له قبل ذلك معرفة أن واقع البند السابع كان ولازال بمثابة الهدية الأثمن التي حظيت بها سلطات الامر الواقع والفرصة الاغلى التي نالها الكيان الفاسد في منظومة الشرعية، فعصا ذلك البند كانت أكثر من خدم كيانات (مابعد صالح) وحلفائها، وأكثر من أضر باليمن وشعبها .

لاأعتقد أن الوتيرة البطيئة التي يمضي بها حاليا مجلس القيادة في خطوات التعبير عن نفسه لها علاقة بالمهمة الإستثنائية لمواجهة الحوثي “السلام او الحرب”، والتي جعلها المجلس عنوانا لمشروعه السياسي !

ما يبدو عليه الأمر – في رأيي – هو توجه المجلس إلى إعادة رسم الواقع السياسي والعسكري بالمناطق المحررة، أو بمعنى أخر تهيئة المناخ والأرضية في مناطق سيطرة التحالف وإعدادها للإنخراط في العملية السياسية المزمعة لتسوية الأزمة باليمن .

مهمة وقف الحرب وإرساء السلام ستكون مهمة الإقليم المباشرة مع الحوثيين، ودور مجلس القيادة الحالي خلالها دور ثانوي أو بالأصح “دور شكلي”، فيما ستتجلى لاحقا مهمة ودور مجلس القيادة لتبدو أكثر وضوحا وتعبيرا عن نفسها فقط أثناء مفاوضات الحل السياسي .

تتناوبك صدمات الواقع المحيط، وشيئا فشيئا تخفت شعلة إستجابتك المعتادة قبل أن تجد نفسك أسيرا لحالة من (تبلد المشاعر)، وتغشى ردات فعلك الساخنة برودة غير معهودة تجاه ما قد يصلك من أخبار سيئة لاحقا .

تلك الأخبار باتت أمرا إعتياديا في هذا البلد، لكن أن يفقد الإنسان بعضا من فيض بواطنه والكثير من أنماط طباعه ومشاعره معلنا الملل ومعللا ذلك بحتمية التكيف مع الواقع الرتيب،
أيعد هذا تحورا طبيعيا للذات البشرية؟
هل نتحدث هنا برزخية ( الطبع والتطبع وصراع الغلبة بينهما )، أم أنها مجرد سنة سيكولوجية تعبر عن إنحناء النفس أمام عواصف بيئتها العاتية؟ 
ـ هل يحدث هذا معك، أيضا؟

عجبت لأمر قوم يثورون لنقدِ صادح إذا ما طال يوما صداه وعاء قياداتهم المترفة بنعيم الأشقاء، ولايثورون البتة لأنين أذى إذا ما صال جحيمه دهماء شعبهم المعذب زمنا بسياط الأشقياء ..!!
ياهؤلاء .. إن كان ثمة هنا من يستحق القداسة فهي سيادة الوطن وحقوق الشعب الصابر في الداخل، وليست السياسات والمكونات وأصحاب السمو والسعادات .

حتى الماضي القريب، كنا نشكو تسابق الأحزاب في تقديم مصالحها الخاصة على حساب مصلحة الشعب، أما اليوم فقد تطورت الحالة وبتنا نشكو تسابق الأحزاب في توطين مصالح الخارج الخاصة على حساب مصلحة الوطن والشعب معا .

ويتجدد القول لدينا بأن اليمن في الطريق إلى تحولها لمناطق نفوذ إقليمي؛ ونعتقد كذلك أنه في اللحظة التي يتأكد عندها حدود كل منطقة، ومسمى مشروع الطرف الإقليمي المهيمن عليها، فإنه لاإشكال حقيقي بعد ذلك لدى الإقليم حول شكل الدولة اليمنية القادمة، وملمح الخارطة السياسية الممثلة لمختلف قوى الداخل .

تكاد جميع قوى الإقليم المنخرطة في صراع اليمن متفقة كليا فيما بينها على إستحالة عودة الواقع السياسي لليمن إلى ما قبل الحرب هذه .
من هنا نفهم أن السبب الأقرب وراء إستمرار الحرب وإطالة أمد الصراع عامة هو عدم توافق تلك القوى حتى اللحظة على خارطة مصالح مشتركة بينها، وعلى إثر ذلك يستمر صراع مشاريع الداخل إنعكاسا حيا لعدم توافق الإقليم وإمتدادا حيويا لتضارب مصالحه باليمن .

يتجدد القول لدينا بأن اليمن في الطريق إلى تحولها لمناطق نفوذ إقليمي؛ ونعتقد كذلك أنه في اللحظة التي يتأكد عندها حدود كل منطقة، ومسمى مشروع الطرف الإقليمي المهيمن عليها، فإنه لاإشكال حقيقي بعد ذلك لدى الإقليم حول شكل الدولة اليمنية القادمة، وملمح الخارطة السياسية الممثلة لمختلف قوى الداخل .

تود السعودية أن يتحول مجلس القيادة اليمني إلى خيار محوري لدى الإقليم في معادلة الحرب والسلام باليمن، ولذلك جاءت الحاجة مؤخرا إلى السماح له بزيارة أهم شركاء المملكة التقليديين بالمنطقة !!

ولكن، كيف؟ ولماذا؟
هذا ما تتناوله تصورات ومادة المقال القادم بإذن الله تعالى .
يجب أن ندرك أن إستراتيجية ( إغراق البلد بالأزمات الخانقة والصراعات المتجددة ) هي بالأساس إحدى أهم الإستراتيجيات المتبعة لإعادة رسم خارطة البلدان المستهدفة سياسيا وديمغرافيا وبما يضمن تحقيق أكبر قدر ممكن من عقد المصلحة المشتركة بين القوى المتحكمة بملف الصراع .

من هنا سيبدو جليا أن مهمة أطراف الداخل المتصارعة هناك لاتتعدى مهمة (مبضع الجراحة)، وأن ما يعلن في خطاباتها السياسية لايعدو كونه (خلطة المبررات المدروسة) التي إحيلت إليها وظيفة ودور الملين اللازم في تسهيل إبتلاع المزاج الشعبي لرغبات المتحكمين دون الحاجة إلى إعادة النظر في مختلف الوقائع التي قد تتعارض يوما مع المصلحة العامة للبلد .

إن مجمل الوقائع والتطورات الحاصلة اليوم تؤكد أن اليمن بات بالفعل يعيش الترجمة العملية لسيناريو إعادة ترسيم البلد .
كما أن الحديث مؤخرا عن (خارطة جديدة تتشكل ..) وإذا ما قرأ واقعا فإنه يعني أن الأجندات الخارجية قد وجدت طريقها حقا إلى الداخل المضلل بشعارات العاطفة السياسية .
باليمن، محفزات السلام القياسية ليست هي من يستهوي أطراف النزاع لإيقاف الحرب والقبول بطاولة الحوار، إن مقدار ما يتحقق من أهداف سياسية خاصة يظل هو المحرك الحقيقي والمحفز الدافع لتلك الأطراف سواء نحو إقرارها بالسلام أو حتى تأكيد الرغبة لديها بإستمرار القتال ردحا من الزمن .
أخر ما يمكن مناقشته في ملف اليمن هو معاناة الناس، وأخر ما يمكن إحترامه في ملف الصراع هناك هو حرية الصحافة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار