الرئيس علي ناصر محمد يأبى إلا أن يكون كبيرا ..
شمسان بوست / كتب أ. عبدالكريم سالم السعدي
كعادته ظهر الرئيس علي ناصر محمد كبيرا متساميا على كل الصغائر من خلال برنامج المتحرّي على شاشة قناة الجزيرة ، فالرجل الذي مازال يحتفظ بمقومات وكاريزما رجل الدولة الذي لا يكتفي فقط بإحصاء الإنجازات والمحاسن والتباهي بها ، ولكنه أيضا يتحدث عن الأخطاء والاخفاقات التي عادة ماترافق أي فعل بشري ويشير إلى المسؤولية عنها بعبارته المتكررة (كلنا نتحمل مسؤولية ماحصل في الجنوب ).
تابعت الجزء الأول من برنامج المتحرّي على قناة الجزيرة للإعلامي المتألق جمال المليكي ومن جديد تؤكد قناة الجزيرة ريادتها من خلال برامج وطواقم إعلامية تفرض احترامها على كل متابع حصيف وإن اختلف معها.
ظهر برنامج المتحرّي هذه المرة مع الرجل الذي مثّل خروجه من عدن في العام 86م إعلانا لسقوط الدولة بمفهومها الحقيقي في الجنوب ، حيث لم يشهد الجنوب بعد خروجه إلا جماعة لا تختلف كثيرا في تركيبتها وسلوكها ومرجعياتها عن مايسمى اليوم (مجلس مشاورات الرياض القيادي ) ، فمثّل الفراغ الذي تركه ناصر المعول الذي هدم المبنى على رؤوس تلك الجماعة فحملت أطلال ذلك الحطام وذهبت به لتسلمه للمؤتمر الشعبي العام في صنعاء إلى يد المرحوم الرئيس علي عبدالله صالح .
يدهشنا الرئيس علي ناصر ويأسر كل من يعرفه بموضوعيته ومصداقيته وتجاوزه للصغائر وعدم الالتفات إلى أصحابها ومروجيها فالرجل الذي قضى مايقارب أربع سنوات وعدة أشهر بعد احداث يناير86م ولم يصدر عنه أي تصريح أو خطاب يتناول رفاقه من الجماعة التي انقلبت عليه في عدن او يسيء إليها هو الرجل ذاته الذي لم يكن يشغل جماعة عدن طوال تلك السنوات سوى شتيمته والتشهير به والإساءة إليه والتحريض عليه .
والرئيس علي ناصر هو ذاته الرجل الذي لم توافق جماعة الطغمة في عدن على توقيع اتفاقية بيع الجنوب للمؤتمر الشعبي العام إلا بشرط خروجه من صنعاء وهو ما حصل فعلا فخرج الرجل وتم بيع الجنوب مقابل استيعاب شخوص الطغمة في مؤسسة الحكم للجمهورية اليمنية ومقابل تحسين معيشتهم هم وعائلاتهم ومن هم في موقع الحشم والخدم منهم ، تضاف على تلك الأثمان مكرمة الشهيد صدام حسين رحمه الله المشهورة !!
في اعتقادي أن مشكلة الرئيس علي ناصر محمد مع معتنقي نظرية (الدفن) لا تكمن في ماتحمله هذه النظرية من رغبة جامحة لدفن الماضي بحجة الحفاظ على لحمه جنوبية لم يعد لها وجود إلا في خيالات معتنقي هذه النظرية الذين لا يرون بقاءهم واستمراريتهم إلا بتطبيق نظريتهم (نظرية الدفن) في كافة مناحي حياتهم وسلوكياتهم ، ولكن المشكلة تكمن في الحضور السياسي الطاغي للرئيس ناصر الذي يخطف الاضواء عن كل من يحلم بتصدر المشهد .
فالرئيس علي ناصر محمد يدفع ثمن صفات وملكات حباه الله بها ولم تكن للرجل يد فيها جعلته يخيف كل الحالمين بإحتلال مشهد الصداره ، فهم يشعرون أن لا استحقاق لهم في صدارة أي مشهد طالما تواجد هذا الرجل وبالتالي فإن الرجل كان ومازال وسيظل هدفا لسهام كل من يطمع أن يتصدر المشهد السياسي في الجنوب خاصة واليمن عامة لما يمتلكه الرجل من إمكانيات لاتتوافر في الكثير من متصدري المشهد اليوم.
ولكي تتأكد من خطورة الرجل وثبات مواقفه الوطنية فعليك أن تنظر إلى كشوف الدعوات والعطاءات الاقليمية التي يتم إعدادها كلما دعت حاجة الإقليم للعبث باليمن وقضاياه وستعرف لماذا يغيب رجل بحجم الرئيس علي ناصر محمد عن هذه المطابخ وهذه الدعوات التي تعبث باليمن وقضاياه منذ العام 2015م والتي لم تنتج إلا جيش جرار من الاتباع والمرتزقة والأدوات .
كان الرئيس علي ناصر منصفا وصريحا في برنامج المتحرّي قال ما لديه من معلومات عاصرها بنفسه ، وسواء اختلفنا أو اتفقنا مع ما طرحه الرجل فإن ما يحسب للرجل أنه لم يزكّي نفسه ، وسرد الأحداث كما هي تاركا الباب مفتوحا لكل من يريد الإدلاء بشهادته للتاريخ أو تفنيد ماطرحه الرجل بموضوعية وحياد دون تجريح أو إساءة ولا استخفاف ولا مبالغة في ادعاء الملائكية.
عبدالكريم سالم السعدي
21 اغسطس 2022م