التقدمية والرجعية والجمود |كتب د.سعيد سالم الحرباجي
ومضات من كتاب ( دروس من الحياة ) لعلي الطنطاوي ،،،
لكل عصر أوجاعه ، ولكل عصر آلامه ، ولكل عصر مآسيه ، ولكل عصر نتوءاته ، ولكل عصر تشوهاته ،،
ونحن في هذا العصر كل مآسينا وآلامنا ، وأوجاعنا مجموعة في
( سقم أدعياء التقدمية ، والرجعية)
تلك الشعارات التي يرددها بعض مشوهي أبناء هذه الأمة …دون معرفة كنهها ، ومعناها ، وحقيقتها .
فيا للعجب !!!
قبل أكثر من ألف عام كان أسلافنا يركبون الإبل ، ويقاتلون على الخيل ، ويعيشون على السُروج ومصابيح الزيت ….
لكنهم كانوا سادة الدنيا ، وكانوا أعز الأمم ، وكانوا قادة العالم ،،،
فهل أولئك رجعيون يا هؤلاء ؟
فإن قلتم أنهم رجعيون فلنا كل الفخر ، والإعتزاز…أن نكون رجعيين،،
لكننا في الحقيقة لا ندري عن أي رجعية تتحدثون ، ولا عن أي تقدمية تهرفون ، ولا عن أي جمود تقصدون ،،،
فهل تقصدون بالرجعية …الرجوع إلى عهد الإستعمار ، أم الرجوع إلى عهد الإنحطاط ؟!!
أما نحن فندعو إلى رجعية ذلك الزمن …
الذي كان فيه صولجان الحكم بأيدينا، وكانت عواصمنا منارات للعلم ، وكان علماؤنا مصابيح الدجى ،،
فهذه هي الرجعية التي ندعو إليها …فأفصحوا أنتم عن رجعيتكم ،،
وعن التقدمية يهرفون ،،
ماذا ياترى في جُعبتكم من أوجاع التقدمية ؟
فهل تعنون بالتقدمية …
أن ننهل من مشارب الغرب حاليها ومرها ؟!!
وأن نقلدهم في كل شيء …حتى في الشر الذي يشتكون منه هم أنفسهم ، ويتمنون الإبتعاد عنه ؟!
أو تقصدون أن نهمل عقولنا ونترك شرع ربنا …فنقول بمقالة الغربيين ، ونفعل فعلتهم …
فإن دعو إلى كشف العورات … كان الداعون إلى سترها متخلفون رجعيون ، جامدون ؟
وأن أعلنوا الزنا …كان إعلانهم تقدمية ، وأن لبسوا القصير ، وأكلوا بالشوكة والسكين …فقد وجب في شريعتكم أن نفعل فعلهم …لأنَّ ذلك تقدمية !!
أهذه هي تقدميتكم يا قوم ؟
فإن كان هذا هو التقدم الذي تدعون إليه …فتشجعوا وأميطوا اللثام عن وجوهكم القبيحة وأعلنوا ذلك صراحة ،،
أمَّا أن ترددوا مثل هذه الشعارات كالبابغاوات خدمة لأسيادكم ، وهدماً للدين ، وحرباً على الإسلام والمسلمين ….
فهذا ما لا نرضاه ،،
*أما عن تقدميتنا* ،،،
فنحن ندعو إلى أن نتقدم في فنون العلوم ، وأن نتقدم في صنوف التأليف ، وأن نتقدم في مجالات التصنيع ، وأن نتقدم في عالم التكنولوجيا، وأن نتقدم لإحداث نهضة تنموية شاملة …فهذه هي تقدميتنا ،،
وماذا عندكم عن الجمود ياتُرى ؟
للأسف لم تفصحوا بالضبط عن ماذا تعنون بالجمود !!
لكن يبدو أنكم تدعون إلى نقيض الجمود وهي المياعة ..
والتي تعني لكم …. التفلت من قيود الشرع ، والإنفكاك من ضوابط الدين ، والهروب من حدود الله …هذه هي حقيقتكم !!!
فماذا بقي لكم من الإسلام إذن ؟
أما وصفكم لنا بأنَّنا جامدون
فهذا وسام شرف ، وشهادة حق ،،
نعم نحن جامدون …. ولكنكم أنتم مائعون .
فالماء الجامد كقطعة الألماس التي يبتسم فيها النور ، وتقبُّلُها شفاه الشمس …
أما الماء المائع فيجري حتى يكون وحلاً تطؤه الأقدام ..
هذا هو جمودنا …الذي نقصد به الثبات على الحق ، والرسوخ على المبادئ ، والوقوف عند حدود الشرع ،،
رحم الله الشيخ علي الطنطاوي