الذكرى الأولى لرحيل قائد معركة السهم الذهبي ،،
شمسان بوست /كتب : د. سعيد سالم الحرباجي
سيذكرني قومي إذا جد جدهم ** وفي الليلة الظلماء يُفقد البدر
تتعثر الكلمات ، وتتشتت الأفكار ، وتتبعثر المعاني ، وتتكسر الأقلام ، ويتخثر المداد .. كلما حاولت أن أكتب عن هامة وطنية بحجم العميد عبدالله أحمد الصبيحي العرولي .
فماذا عسى أن أكتب ، وما عسى أن أقول وما عسى أن أتحدث في الذكرى الأولى لرحيله…
أنني هنا كالذي ينكأ جرحاً ، ويطعن قلباً ، ويدمي روحاً ، ويحزن نفساً ،،،
والحقيقة أنني لا استطيع أن أخفي مشاعري ، ولا أن أداري عواطفي ، ولا أن ألجم خواطري تجاه أخي، وحبيبي ، وصديقي ، ورفيق دربي …
ففي قلبي من الوجد ، وفي فؤادي من الحزن ، وفي نفسي من الألم تجاهه
ما لا يعلمه إلا ربي سبحانه،،
فلم يكن أبو سمير بالنسبة لي أخاً وصديقاً وحسب ..
وإنما كان روحاً إلى روحي ، وقلباً إلى قلبي
، ونفساً إلى نفسي،،
لذلك كان رحليه فاجعة وأي فاجعة ،
ومصيبة وأي مصيبة ، وبلية وأي بلية ،وخسارة وأي خسارة ،،
فيا لقضاء الله ،،
لقد ألجمت مشاعري ، وكبحت أفكاري ، وألزمت عواطفي كي أهذي بكليمات في هذه الذكرى الأليمة ، مع علمي وإدراكي ، وقناعتي أنني لن أوفيه قدره ..وإن اجتهدت في انتقاء الألفاظ ، واختيار العبارات ، وتنميق الجمل ،،،
ولكن لزاماً علي أن أقول شيئاً … كتعبير عمَّا يجيش في خاطري ، ويعتلج في قلبي لأخٍ أحببته من قلبي ،،،
إنه العميد عبدالله الصبيحي ،،،
رجل قوي البأس ، صعب المراس ، ثابت الأساس …
أحب وطنه فوهبه له روحه ،،،
وعشق مبدأه فثبت لأجله ثبات الجبال الراسيات ..
وآمن برسالته فلم يحد عن طريق الحق قيد أنمله …رغم الإغراءات التي عُرضت عليه ،،
أكتسى من صفات الرجولة ،والشجاعة ، والقوة
، والشهامة ، والحنكة ، والقيادة ، والإدارة، والكرم ، والسخى ، وقدرة تحمل ضغوط العمل ، وحسن التواصل مع الآخرين واستيعابهم …ما مكنه أن يتميز عن بقية أقرانه من القادة ، وأن يحظى بثقة القيادة ، وحب الأفراد ، وتقدير المجتمع ..
سمع صوت الواجب ، وتكبيرات الجهاد ، عندما هبطت جحافل الحوثي كوحوش جوعى في مدينة عدن المسالمة الوادعة ..فنهض ولبس لامة الحرب ، وحمل بندقيته ليقف كأسد هصور يزأر زأيراً …فسمعه الأحرار فلبَّوا نداءه والتفوا حوله ، فقاد تلك الجموع الصادقة ، المجاهدة ، لمقارعة عصابات الحوثي رُغم شحة الإمكانات، بل وانعدامها .
لكنه ثبت مع أولئك الأبطال وأسس النواة الأولى للمقاومة فى عدن الحبيبة ، ورفع راية الجهاد فتقاطرت إليه أفواج المخلصين ، والمحبين لوطنهم ، فتقدم بهم ليقود معركة السهم الذهبي ..لتطهير عدن من رجس المجوس ، فصال وجال ، وغبر قدميه في ساحات الوغى حتى تحقق له ولأفراده النصر ، فطردوا الحوثي من عدننا الباسلة .
وبعد تحرير عدن واصل واجبه كقائد فذ ، محنك…فأسندت إليه قيادة اللواء (٣٩ مدرع ) ومن الصفر أعاد ترتيبه ،وتنظيمه ، وتجهيزه ، وإعداد كوادره ، وأفراده حتى أصبح أهم ألوية الحرس الرئاسي ،،،
ورغم كل تلك الجهود التي بذلها ، ورغم كل تلك التضحيات الجسام التي قدمها ، ورغم أهمية دوره البطولي الذي قدمه في كثير من المنعطفات الهامة في تاريخنا الحاضر …
إلا أنه لم يوف حقه ، ولم يُقدر قدره كبقية ممن ركب الموجه ونالوا الحظوة .
لقد كان رجلاً استثنائياً في زمن عز فيه الرجال
المخلصون .
ومع ذلك انتقل إلى جوار ربه غير آسفٍ على كلما قدمه …
لأنه قدمه لله ، وحباً لوطنه ، ولبلده ، ولدينه .
توفاه ربه وغادر دنيانا العفنة في وقت الوطن في أشد الحاجة له ولأمثاله …
لكنها أقدار الله ….التي لا نملك إزائها إلا أن نقول الحمد لله على ما قضى وقدَّر ، فله ما أخذ وله ما أعطى ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
رحمك الله أبا سمير رحمة الأبرار ، وأسكنك فسيح الجنان .