نص خطاب الرئيس رشاد العليمي الموجه لهيئة التشاور والمصالحة
شمسان بوست / متابعات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”..
الإخوة رئيس ونواب رئيس هيئة التشاور والمصالحة،،
الاخوة أعضاء هيئة التشاور
يسعدني أن اتحدث اليكم هذا اليوم بعد نحو 330 يوما على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وهيئة التشاور والمصالحة والفرق الأخرى المساندة له بموجب اعلان نقل السلطة في السابع من ابريل العام الماضي، على أمل أن تمثل اجتماعات الهيئة نقلة مهمة في مسار تحالفنا الوطني العريض ضد المشروع الإمامي الإيراني التدميري.
إننا في مجلس القيادة الرئاسي ممتنون لرئاسة وأعضاء هيئة التشاور نساء ورجالا، بمن فيهم الكوكبة الفريدة من الخبرات، والقادة الذين كانوا إلى جانبنا على طول الطريق دعما، واسنادا للمجلس، وحرصا على بقائه متفاعلا، و متحدا حول الأهداف المشتركة، وتحقيق التوافق المنشود في إدارة الدولة لاستحقاقات ما تبقى من المرحلة الانتقالية.
وإننا نأمل أن تمثل اجتماعات الهيئة الموسعة، رسالة إضافية قوية بالنسبة لمستقبل أكثر تماسكا واطمئنانا، بوضع اللبنات، والأطر المرجعية لحماية توافقنا الوطني، وإرادة شعبنا، وضمان المشاركة المجتمعية الواسعة دون إقصاء او تهميش.
إن القسم الدستوري، والعهد الذي قطعناه مع إخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي لأبناء شعبنا شمالا وجنوبا بالسيرعلى قاعدة الشراكة والتوافق الوطني، ما يزال ثابتا ولن نحيد عنه مهما كانت التحديات، وها نحن اليوم نتحدث اليكم لنؤكد ثقتنا المتزايدة بقوة تحالفنا الاستراتيجي، والتفافه حول أهدافه المشتركة للمرحلة الانتقالية.
لقد كنا واثقون منذ البداية، بأن بعض التباينات في مرجعياتنا، وتجاربنا هي ما ستجعلنا متميزين، وأكثر قدرة على الاستجابة للواقع المعقد، والمتغيرات الطارئة، وبعون الله سنمضي مؤمنين بمبادئ الحق في الحرية والاختلاف، والمشاركة، كأسس دستورية اصيلة، بينما يفتقد الى نعمتها أولئك السلاليون، المرتهنون للمشروع الإيراني التوسعي في بلادنا.
أيتها الأخوات أيها الإخوة،،
في المبادىء النظرية لأنظمة المصالحة، يأتي الانصاف، وتخليد الذكرى كقيم مثلى لتكريم مدننا، ورجالنا ونسائنا الذين كانوا سباقين إلى ميادين المقاومة منذ الطلقة الاولى لمقارعة الغزو الفارسي، بالسلاح، والمال، والكلمة.. فتحية لهم شهداء، وجرحى، وقادة أحياء يتصدرون الصفوف ذودا عن وطننا، وهويتنا، وإرثنا الحضاري العريق.
لقد اضطر اولئك الرجال، والنساء للقتال، من اجل استعادة السلام، ولولا تضحياتهم، وشجاعتهم، لما كنا ننعم اليوم بالحرية، وشرف تمثيل بلدنا وشعبنا بين الأمم الحية حول العالم.
وهي تحية إلى كل المحافظات، وأبناء شعبنا المقاوم والرافض لذلك المشروع الدخيل على بلادنا، ومنطقتنا.
وهي تحية خاصة إلى العاصمة المؤقتة عدن، مشعل الحرية والتنوير، وكل المحافظات الجنوبية التي دفنت مشروع الامامة في المهد، كما دفن على أسوار مأرب، وجبال تعز وغيرها من المحافظات التي منحت الدولة الشرعية سياجا، والمقاومة ملاذا وقاعدة لبناء الصفوف والانطلاق نحو النصر المؤزر بإذن الله.
وتحية إلى حضرموت العظيمة، وهي تستعد لإحياء ذكرى تحرير المكلا من تنظيم القاعدة، في ملحمة تاريخية أفضت مبكرا إلى تعزيز جبهة المقاومة للمشروع الايراني ومليشياته المتخادمة مع التنظيمات الإرهابية.
وهي مناسبة ايضا للإقرار، والانصاف، والاعتزاز بدور القوى الوطنية الحاملة للقضية الجنوبية، التي توحدت تحت لوائها كتائب المقاومة الباسلة، لدحر المليشيات الغازية، وردع أطماعها، ومغامراتها الطائشة.
وكل التحية إلى شعبنا الصابر، وراء قضبان المليشيات الإرهابية، وفي مخيمات النزوح، وبلدان الشتات، إلى مثقفينا وصحفيينا، ونشطائنا الذين يتصدون على جبهة الوعي لخطاب التضليل، والموت، والخراب.
يستحق هؤلاء الأبطال، والمدن التكريم، والإنصاف، وتخليد الذكرى، وليس هناك أفضل من أن تستلهم قوانا السياسية إرثهم، وصمودهم بمزيد من الاصطفاف وحشد كافة الامكانيات والطاقات لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحصين جبهتنا الداخلية ضد ادوات المشروع الإيراني الذي يتربص بنا جميعا دون استثناء.
لذلك فإن اعتداءات المليشيات، وحصارها الحاقد على مأرب، وتعز، والضالع، ولحج، وغيرها من المحافظات، تعنينا جميعا، وسنتداعى لها بردع جماعي حازم، في حال
استمرار تعنتها، واستنفاد كافة المساعي لدفعها نحو خيار السلام العادل والمستدام القائم على الأسس، والمرجعيات المتفق عليها محليا، وإقليميا، ودوليا.
الإخوة والأخوات،،
في خضم الكثير من التحديات المتشابكة، التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، كان هناك من مؤشرات التعافي ما يبعث على الأمل.
ولعل اجتماعاتكم الموسعة في العاصمة المؤقتة عدن، تؤكد عزمنا جميعا، على تحسين الظروف، وتهيئة الأوضاع المناسبة للعمل من الداخل، واعادة بناء مؤسساتنا الوطنية، وفقا لإعلان نقل السلطة، واتفاق، ومشاورات الرياض، وعلى أساس مبادئ الحكم الرشيد، و العدالة، والتسامح، وتكافؤ الفرص.
وخلال الفترة المقبلة، ستزداد اجتماعاتنا التشاورية على هذا النحو البناء بين مستويات الحكم المختلفة، في هذه المدينة الوفية، و كافة المحافظات المحررة، وسنجتمع في نهاية المطاف بعون الله على ارض صنعاء، نصرة لأهلنا المقهورين هناك تحت نير المليشيات، ووفاء بوعد السلام، وإنهاء الانقلاب، وإعادة الاعتبار للهوية الوطنية، وترسيخ انتماء بلدنا وشعبنا الى حاضنته العربية.
الأخوات والإخوة،،
على مدى الأحد عشر شهرا الماضية، ركز مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، على ترتيب الأوضاع الأمنية، والعسكرية، وتعزيز سلطة القضاء، وتحسين قدرات الأجهزة المالية والمصرفية في استيعاب التعهدات، والودائع المقدمة من الأشقاء والأصدقاء وفي المقدمة تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
ويمكنكم أن تروا كيف قادت هذه الجهود إلى تراجع أعمال العنف في المحافظات المحررة، والحضور المتنامي للأجهزة العدلية، واستيعاب افضل للمشروعات الخدمية التي ستتسارع وتيرتها خلال العام الجاري، وخصوصا في رحاب العاصمة المؤقتة عدن.
وعلى الصعيد الاقتصادي، والنقدي، حافظت السياسات المتخذة على استقرار نسبي للعملة الوطنية، ومحاصرة عجز الموازنة العامة عند حدوده الآمنة، والتوقف عن تمويلها من مصادر تضخمية رغم التوسع في الانفاق على الالتزامات الحتمية وفي المقدمة انتظام دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، والقوات المسلحة والأمن، والمتقاعدين للمرة الأولى منذ سنوات، وذلك إلى جانب مستحقات الطلاب المبتعثين في الخارج، والهيئات الدبلوماسية، والتدخلات الطارئة لمواجهة احتياجات قطاع الكهرباء، وفوق ذلك فإن الشراكة والثقة المتبادلة مع القطاع الخاص تتحسن بصورة غير مسبوقة.
الإخوة والأخوات،،
منذ وقت مبكر أدركنا، ان إحداث التحولات في مسار المواجهة ضد المشروع الايراني وعملائه، يتطلب عكس الصورة المضللة عن القضية اليمنية العادلة، والطبيعة الإرهابية للمليشيات الحوثية، فكان حراك رئاسي، و حكومي إقليمي، ودولي، وتعاط جاد مع الجهود الحميدة لتثبيت الهدنة الإنسانية التي ضاقت منها المليشيات سريعا.
ومع ذلك نعلم أن الموقف الدولي لم يرق بعد الى مستوى الفعل، لكنه بات أكثر وضوحا، ويقينا بأن السلام لا يمكن ان يأتي من كهوف الخرافة والحق الإلهي في حكم البشر، والقمع المنفلت لحقوق الانسان.
وخلال ذلك الزخم السياسي، لم نتخل ابدا عن الثوابت، والاهداف المشتركة، وزدنا قناعة بأن المليشيات الحوثية لا يمكن ان تكون مشروعا جادا لسلام مستدام، ولذلك حصلت على التصنيف الذي تستحقه من مجلس الدفاع الوطني، ومجلس جامعة الدول العربية، كمنظمة إرهابية.
الأخ رئيس و‘عضاء هيئة التشاور
الأخوات والإخوة،،
وسط هذه المهام المتشعبة، لدينا وإخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة قناعة تامة وواقعية، بأن وجود أي سلطة إنما هو لخدمة مواطنيها الذين أعادوا ترتيب أولوياتهم في ظروف الحرب القاهرة، بدءا بالخبز، والماء، والدواء، والطاقة، وسبل العيش، والرعاية الصحية، ومدارس الأطفال الآمنة، وهي حقوق مكفولة لضمان أبسط متطلبات الكرامة الإنسانية، التي لا ينبغي أن تشغلنا عنها أي أولويات أخرى.
ومهما حاولت المليشيات الارهابية خنق مواردنا، وتجويع شعبنا فلن يثنينا ذلك عن ابتكار الحلول، والتكيف مع المتغيرات لإبقاء مصالح الناس، وأحلامهم متقدة إلى الأبد.
وقد كانت الهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية، اختبارا حقيقيا على هذا الصعيد، مع توقف صادرات القطاع النفطي التي تمثل 65 بالمائة من اجمالي الإيرادات العامة، ما وضع المجلس والحكومة امام خيارات صعبة.
كان علينا أيها الاخوة، إما الاستجابة الطارئة لاحتواء التداعيات المدمرة، أو الرضوخ، والاستسلام للكارثة التي تريد بها المليشيات إغراق البلاد في أزمة جوع شاملة، بما في ذلك توقف رواتب الموظفين، والخدمات الأساسية، والتدخلات الإنسانية المنقذة للحياة.
ومن بين خيارات ضيقة، شجعنا الحكومة على إصلاحات شاملة في المالية العامة، تشمل إجراءات تقشفية، وتضمن مكافحة الفساد، وتوكد الحاجة الماسة للدعم من الاشقاء والأصدقاء لسد الفجوة في بند المرتبات، والنفقات الضرورية، بدلا عن اللجوء إلى الخيار الأسهل عبر الإصدار النقدي الذي من شأنه أن يهوي بالعملة الوطنية، والأوضاع المعيشية الى مستويات متدنية.
الأخ رئيس وأعضاء هيئة التشاور،،
إننا نغتنم هذا اليوم الختامي لاجتماعاتكم الثامن من مارس، المتزامن مع يوم المرأة العالمي لنحيي فيه كفاح نسائنا في مختلف الميادين، وهن اللواتي تحملن العبء الأكبر من حرب، وبطش المليشيات، على امل ان يكون ه