مقالات

لعلكم تتقون ،،،

شمسان بوست / د.سعيد سالم الحرباجي




التقوى زاد القلوب والارواح تتبلٌغ به في هاجرة الطريق، وبه تقتات وتستعين على مشاق السفر الطويل ، ومنه تستمد ذلك الفيض الايماني والاشراق الالهي ، والنور الرباني الذي يكشف منحنيات الطريق ويجلي غياهب الظلام ويذلٌل عقبات الوصول .

التقوى سلاح المؤمن…
بها يتقي نزقات النفس الامارة بالسوء قال تعالى : (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون ).
ودرعه الحصين الذي يواجه به سهام الشر المنحدرة من كل حدب وصوب .
(إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
وقوسه النافذ الذي لايصد ولا يرد إذا اطلقه .
(ومن يتق الله بجعل له مخرجا )

بها يصول ، وبها يجول ، وبها ينطلق ليواجه تحديات مشوار الحياة ، ومنها يستمد عون الله ،وقوته ، ومدده ونصره وحفظه وتأييده .

التقوى نور يقذفه الله في قلب المسلم… فيشرق ويرق ويلين ويخشع ويشف حتى يصبح أهلا للانتفاع بالهدى والذكر .. فتتفتح مغاليقه ، وتتبسم أساريره ، وتتكشف أعاجيبه ، ويتهيأ لالتقاط تلك الاشارات الربانية ، ويستجيب لتلك النداءات الالهية ، ويتحفز ليتقي تلك التحذيرات السماوية .

ذلك هو المقصود من عمل التقوى ، وهو الهدف السامي النبيل المراد تحقيقه من وجودها ، وهو الأداة السحرية التي تصنع من المستحيل ممكنا ومن الصعب سهلا ومن الضعف قوة ومن اليأس أملا .

إلا ترون كيف تحولت تلك القلوب القاسية القلوب، الصلدة القلوب الميتة ، التي كان يحملها أؤلئك القوم قبل مجئ الاسلام والتي كان أحدهم يأخذ فلذة كبده حية فيواريها التراب دونما مراعة لحق الأبوة، وحق الانسانية ، ولا تقدير لبراءة الطفولة …
بل يفعل ذلك في كبرياء وعنجهية وصلف .

وكانت تلك القلوب الملبدة بظلام الجهل تمارس كل أشكال الرذائل وتعمل كل أنواع القبائح وتستبيح كل وشائج المحارم .

ولكن يوم أن فتحت ابوابها للنور، ويوم أن استقرت التقوى في الصدور، ويوم أن اتقت يوم النشور …اذا بها تحلٌَق في فضاءات الايمان الرحبة، وتسمو إلى تلك المنازل الرفيعة ، وتعلو إلى تلك الدرجات العالية ِ.
فاستحقت تلك الشهادة من ربها سبحانه وتعالى ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ).
فهذا وسام شرف وشهادة حق من الحق سبحانه وتعالى إن تلك القلوب قد بلغت درجة من التقوى والصلاح والسمو استحقت بها أن يرضى الله عنها ،،،
فيالها من شهادة ، ويالها من مكانة ، وياله من شرف وأيٌُ شرف ،،

فلا تعجب بعد ذلك إذا سمعت أنٌَ عرش الرحمن يهتز لموت سعد بن معاذ ،وأنٌ القرآن الكريم يتنزل على لسان الفاروق عمر ، وأنٌَ الملائكة تستحي من سيدنا عثمان رضي الله عنه .
فمالذي تغير ؟
الناس هم الناس ..
البيئه هي نفس البيئه .
الأجسام هي نفس الأجسام ..
فما هو المتغير إذن ؟

المتغير الأساسي …
هي هذه الإشراقة النورانية التي لامست تلك القلوب ….فكسرت اقفالها المحكمة ، ومزٌقت قيودها المثقلة ، وحطٌمت جدرها العازلة ِ
فأزيلت كل تلك الرواسب القديمة، وانتهت كل تلك الخرافات العفنة، وانقشعت كل تلك الظلمة المعتمةِ…..
فتربع سلطان التقوى على تلك القلوب ، واستوطن نور الايمان في تلك الصدور ….
فلانت وأذعنت وخشعت وسكنت… فتفتقت عن تلك الثمرة الرائعة والمتمثلة في ولادة ذلك الجيل الفريد الذي غير مجرى التاريخ وأرسى قواعد العدل وأسٌَس مداميك الحكم الرشيد الذي سعدت به البشريه ،،

إنها منزلة التقوى ..
حساسية في الضمير ، وشفافية في الشعور، وخشية دائمة ، وحذر مستمر، وتوقٌٕ
يقظ لاشواك الطريق ومنحنيات السير وعقبات الوصول .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار