فرحة العيد اختفت ورقعة الفقر توسعت
شمسان بوست / أنس القباطي
عيد الأضحى لهذا العام 1444 هجرية بدا مختلفا عن الاعوام السابقة لدى السواد الأعظم من اليمنيين. فرحة العيد المعهودة اصبحت باهتة، في ظل فقر تتوسع رقعته، جراء التراجع المخيف لدخل المواطن البسيط، بفعل قلة فرص العمل، والتي تعد انعكاسا لمستوى تضرر اقتصاد البلد بعد 8 سنوات من الحرب، وما رافقها من فساد ومحسوبية سلطات الواقع القائمة.
المتتبع لحال الناس خلال أيام العيد وقبله بأيام سيخرج بخلاصة تؤكد تراجع القدرة الشرائية للمواطن بشكل كبير قياسا بالأعوام السابقة، ما يعد مؤشرا على ان كثير من الأسر انزلقت إلى هاوية الفقر.
خلال أيام قمت وبمساعدة اصدقاء باجراء استبيان بسيط لعينة عشوائية من الأسر في احدى الحارات الشعبية بصنعاء، ركزنا فيه على مدى قدرة الناس على توفير بعض متطلبات العيد خلال ثلاثة ايام فقط، ومن خلال تحليل البيانات التي حصلنا عليها من الاستبيان، خرجنا بما يلي:
– اسرة واحدة من بين كل 20 أسرة اشترت اضحية للعيد.
– من بين كل 10 اسر؛ اشترت 3 منها لحم بالكيلو في اول ايام العيد، و5 أخرى اشترت دجاج، وأسرتين لم يذوقوا أي انواع من اللحوم خلال اول ايام العيد.
– من بين كل 10 اسر، اشترت اسرتين لحم في ثاني أيام العيد، فيما 4 أسر اشترت دجاج، و 4 أسر لم تتناول أي انواع من اللحوم ثاني أيام العيد.
– في ثالث أيام العيد، أسرة واحدة من بين 15 أسرة اشترت لحم، فيما (3 -4) أسر اشترت دجاج، وحوالي 10 اسر لم تتناول أي انواع من اللحوم.
* فيما يخص الملابس الجديدة
– 3 أسر من بين كل 10 اسر؛ اشترت ملابس شبه مكتلمة لكل أفراد الأسرة، و 3 أسر أخرى اشترت بعض الملابس، و 4 اسر لم تشتر ملابس جديدة او اشترت بعض القطع القليلة رخيصة الثمن، واكتفت بملابس عيد الفطر.
جعالة العيد
– اسرتين على الاقل من بين كل 10 أسر لم تشتر جعالة العيد، و 4 أسر لم تشتر الجعالة كاملة.
* واضافة إلى ما خرجت به الاستبانة، فقد لاحظنا خلال الأيام الخمس التي سبقت يوم العيد:
– تراجع القدرة الشرائية للناس، فالازدحام الذي كان قائما في الأسواق خلال الأعوام الماضية تراجع هذا العام بشكل نسبي.
– شهدت أسواق الأضاحي تراجعا في الاقبال قياسا بالعام الماضي، وهو ما استشفيناه من الحديث مع عاملين في عدد من أسواق الماشية في العاصمة صنعاء، وهو ما انعكس سلبا على الأسعار.
* من خلال لقاءات شفهية مع بائعي جعالة العيد بصنعاء، توصلنا إلى ما يلي:
– اجمع اغلبهم ان العمل هذا العيد تراجع بشكل ملحوظ قياسا بعيد الفطر، وان كان المعروف ان الاقبال على المكسرات يقل الى حد ما في عيد الأضحى قياسا بعيد الفطر، لكن التراجع هذا العام كان كبير، حسب ما افاد به البائعين.
* من خلال تتبعنا لمنصات التواصل الاجتماعي وسؤال بعض المهتمين من الناشطين على هذه المنصات في اكثر من محافظة، وجدنا:
– كثير من المواطنين في المدن وصلوا حد عدم القدرة على شراء اضحية او حتى لحوم بالكيلو، واكتفى اغلبهم بالدجاج في اول أيام العيد.
– هناك اسر لم تتناول اي انواع من اللحوم في اول أيام العيد، رغم ان سعر الأضاحي هذا العام ارخص من العام الماضي.
– في الارياف حيث يحرص الناس على توفير الأضحية، هناك أسر عجزت عن توفيرها، ورغم ان بعض الجمعيات والمنظمات وزعت لحوم على الأسر الفقيرة، إلا ان بعضها اضطرت لاشراك اسرتين في الكمية التي كنت توزعها العام الماضي على الأسرة الواحدة، والحال يكاد يتماثل فيما يخص ملابس وجعالة العيد.
– طرحنا سؤالا واحد على أكثر من 20 شخصا من مستويات دخول مادية متفاوتة التقينا بهم خلال أيام العيد الثلاث، حول تقييمهم للعيد هذا العام، رد اغلبهم بأنهم لم يشهدوا عيد بمستوى معيشي منخفض كهذا العيد.
* ويمكن القول ان:
– استمرار الحرب او حتى حالة اللاحرب واللاسلم القائمة، واستمرار تداعيات الحرب كاغلاق الطرقات ووقف مرتبات الموظفين والجبايات خارج القانون وغيرها ستؤدي إلى توسع رقعة الفقر بشكل غير مسبوق.
– توسع رقعة الفقر ستكون لها انعكاسات على السلم الأهلي، حيث ستزداد جرائم السرقات والسطو والتقطع، وستزيد حالات الطلاق وعمالة الأطفال والتسرب من التعليم العام، وارتفاع معدلات المرضى النفسيين، وافلاس المشاريع الصغيرة على وجه التحديد.
– المساس بالسلم الأهلى ستؤدي تداعياته السلبية الى الاضرار بتماسك الأسرة والمجتمع، وان حصل ذلك فإنه سيرتد سلبا على الوضع الأمني في البلد بشكل عام.