هل توحشت فرنسا ؟ أم كان هذا التوحش نذير شؤم ؟
كتب : د. سعيد سالم الحرباجي
ربما أصيب الكثير من المغترين بالحضارة الغربية ، والمتشدقين بانجازاتها ، والمدعين بأنها مثال يُحتذى به لحرية الرأي ، والتعبير ، وممارسة الديمقراطية في أبهى صورها ،،
ربما أُصيبوا بالصدمة ، والذهول وهم يشاهدون ما يحصل اليوم في فرنسا …في العاصمة باريس من تصرفات رعناء ، بل من توحش قوات الأمن في التعامل مع المتظاهرين ، وبالذات النساء اللاتي سحبن في الشوارع بصورة مهينة ..وذلك بحسب ما تمكن الناشطون من توثيقه وبثه ،،،
أنا هنا لا اتباكى على ما يحصل لتلك الشعوب التي لطالما وافقت حكوماتها ، وقاداتها للعبث بالعالم الثالث ، وسحق المسلمين بطرق وحشية تفوق الخيال ، ونهب ثرواتهم ، ومصادرة حرياتهم ، والعمل على تجهيلهم ، وغير ذلك .
لكنني هنا أقف بفخر واعتزاز ، وكبرياء ، وحمداً ، وشكراً لربنا سبحانه وتعالى…
وأنا أرى بأم عيني المشيئة الإلهية تنتقم لحق الضعفاء ، والمساكين ، والمظلومين ، والمقهورين ، واليتامى ، والأرامل…
وتستجيب لتلك الدعوات التي كانت تُرْسل لربنا سبحانه في جوف الليل مبللة بالدموع ،والأنات ، والأهات ، وخفقات القلوب .
قد يظن كثير من الجهلة أنَّ ما يحصل في الغرب عموماً ، وفي أمريكا ، وروسيا…أموراً عابرة ، عارضة ، عفوية ….
وهذا ظن خاطئ …
ذلك أن النظام الدولي الحالي ( بكل مكوناته) قد تمادى ، وتماهى ، وأسهب ، وأفرط …في العبث بشعوب العالم المقهورة … حتى وصل به الصلف والبطر أنْ يتحكم في اختيار القادة ، وعزلهم وفقاً وهواه ، والتحكم في تسيير شؤون البلدان ، ونهب ثرواتها بصورة عبثية، وارتكاب مجازر يندى لها الجبين …
ولهذا …حان الوقت اليوم أن يسدَّد فاتورة الظلم ، وأن يدفع ثمن البغي ، وأن يسلَّم قيمة العبث .
هكذا هي سنة الله في الأرض .
وهذا هو قانونه الإلهي .
وهذه هي مشيئته العلياء .
يمد للظالم _ أياً كان مسلماً أو كافراً _… يمد له حتى إذا لم يرتدع لنفسه ، ويكف عن الناس أذاه ، ويقلع عن الظلم ….عندها تتدخل إرادة الله لتعلن ساعة الانتقام من الظالم ، ونهاية الخلاص من عبثه ،،،
وكل شواهد التاريخ تؤكد هذه القاعدة الربانية
( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) .
اليوم كل المؤشرات تفيد بأنَّ النظام العالمي يترنح ، يتآكل ، يغلي، يشتعل …يستحيل على قادة الغرب وأمريكا أن يفعلوا لهذا الانهيار أية معالجات …
والمتتبع للشأن العالمي …يرى حجم الإنهيار الذي تعيشه تلك الشعوب ، ويرى الأزمات المتتالية التي تعصف بالحياة الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية .
ولعل الإنهيار الأخلاقي هو أخطرها …والذي تمثل آخر تقليعاته في حرص حضارة اليوم على تقنين هذا الانحراف ، وسن القوانين ، والتشريعات التي تحمي الشواذ ، وتحفظ حق أولئك المنحرفين في ممارسة رذيلتهم علناً تحت سقف القانون ، والنظام .
ذلك ما حدا بالرئيس الإمريكي أن يعتبرها من أهم إنجازات فترته الرئاسية .
وهذا الانهيار الأخلاقي كما يقول ابن خلدون ( هو نذير زوال الأمم ) .
هذه هي عقيدتنا ، وهذه ثقتنا بربنا ، وهذه هي قناعتنا ، وهذا هو نهجنا ….فالظالم مهما بلغت قوته ستأتي ساعة الانتقام منه .
لهذا ….
ليس لنا من خيار اليوم حيال الظلم الذي نتجرعه، وإزاء المآسي التي دمرت حياتنا … إلا أن نرفع أكفَّ الدعاء إلى المنتقم ..
وهو وحده من يتولى الإنتقام كيفما يشاء ، وبما يشاء ..
أنت فقط أطلق صواريخ الدعاء وهي ستعرف طريقها .
ورحم الله الشافعي حيث يقول ؛
سهام الليل لاتخطئ ولكن **لها أمد وللأمد انقضاء .