في اليوم العالمي للمساواة بين الأجور.. اليمنيون يبحثون عن قيمة لأجورهم
شمسان بوست / عمار خالد
حَلَّ يوم أمس، الثامن عشر من سبتمبر، اليوم الدولي للمساواة بين الأجور، والذي تحتفي به #الأمم_المتحدة سنوياً بغرض تحقيق المساواة في الأجر عن العمل المتساوي القيمة، وإلغاء التمييز والفجوة بين أجور الرجال والنساء.
وفي حين تعتقد المنظمة بوجود فجوة في الأجور بين الجنسين بنسبة تقترب من 20% على مستوى العالم، فإن #اليمن يعاني ليس من وجود فجوة أجور بين الجنسين فحسب، بل من واقع الأجور نفسها، وقيمتها الفعلية أمام تردّي الأوضاع المعيشية التي يواجهها الرجال والنساء معاً.
فجوة الدخل: تمييز بين الجنسين
بينما ضاعفت أوضاع الحرب والأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية درجات الضعف لدى النساء في اليمن، احتلَّ هذا البلد في العام 2021 المرتبة الـ155 (من بين 156 دولة) في المؤشر العالمي للتميز بين أجور الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وحسب بيانات الأمم المتحدة التي طالعها مرصد “بقش”، لا تزال المرأة اليمنية ممثلة تمثيلاً ناقصاً في المناصب العامة والمنتخبة، حيث تشغل فقط 4.1% من المناصب الإدارية وصنع القرار ولديها الحد الأدنى من الأدوار القيادية في اتفاقيات السلام.
وبحسب مسحٍ في العام 2015، وكان أول مسحٍ للقوى العاملة في اليمن منذ أكثر من 15 عاماً، فإن متوسط الأجر الشهري للمرأة بلغ 40.400 ريال، مقابل متوسط الأجر الشهري للرجل البالغ 53.300 ريال، في حين قُدّر متوسط الأجر الشهري للشباب بـ34.500 ريال.
ويصل معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة في اليمن إلى 6% فقط، مع انخفاض مشاركتها مدفوعة الأجر في القطاع العام والعمل الرسمي وغير الرسمي، بينما أدت الحرب إلى تعميق الفوارق الاقتصادية واستنفاد الموارد.
وعودةً إلى القانون رقم (5) لسنة 1995 بشأن قانون العمل، والذي اطلع عليه “بقش”، فإن المادة (42) تنص على تساوي المرأة مع الرجل في كافة شروط العمل وحقوقه وواجباته وعلاقاته دون أي تمييز، كما يجب تحقيق التكافؤ بينها وبين الرجل في الاستخدام والترقي والاجور والتدريب والتأهيل والتأمينات الاجتماعية ولا يعتبر في حكم التمييز ما تقتضيه مواصفات العمل او المهنة.
على سبيل المثال، لا الحصر، تقول عاملات لدى قطاع النظافة الصحية في مستشفيات خاصة بمدينة #عدن، إنهنَّ يعملن بأجر شهري يبلغ 40 ألف ريال فقط، بينما يتقاضى رجال يعملون معهنَّ في نفس العمل ولنفس المدة “ست ساعات” أجوراً أكثر منهن، فضلاً عن عدم امتلاكهن عقود عمل تضمن حقوقهن.
وعن ذلك تقول الخبيرة في النوع الاجتماعي، مها عوض، إن الفروق وأشكال التمييز في المستحقات والحوافز واضحة في القطاع الحكومي الذي يفرض فرصاً متساوية بشأن الرواتب الثابتة، موضحة أنَّ المرأة تُحرم من فرص الترقي الوظيفي، وأن الموظفات يتلقين تمييزاً في فترات إجازة الولادة، مقابل فجوة عميقة يُحدثها القطاع الخاص في المستحقات بين الجنسين.
وتشير عوض إلى ضرورة تعديل القوانين ووضع لوائح وإجراءات إلزامية بالمساواة بين الجنسين في الأجور وتفعيل الدور الرقابي لتطبيق القوانين.
أجور لا قيمة لها أصلاً
في اليمن تمثل المرتبات والأجور في حد ذاتها عائقاً أمام اليمنيين، فهي من ناحية لا تزال مطلباً لسكان المناطق التي تحت سيطرة #حكومة_صنعاء (قرابة مليون و200 موظف حكومي) والذين ينتظرون صرفها منذ قرابة ست سنوات، ومن ناحية أخرى لا تكفي لتلبية الحد الأدنى من متطلبات العيش في مناطق #حكومة_عدن حيث التدهور المستمر لقيمة العملة المحلية مقابل العملات الصعبة، والأزمات الاقتصادية والمعيشية والخدمية المتواصلة، فضلاً عن تقطع صرفها في هذه المناطق وعدم انتظامه. ومن كلا الناحيتين برزت ظواهر مثل الاستغلال وتآكل حقوق العمال وتزايد ديون المواطنين وغيرها، وهو ما يلقي بظلاله بالنتيجة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
تفيد تقارير طالعها مرصد بقش بانتشار أسواق عمل غير منظمة في مناطق حكومة عدن، يكون العمال فيها عُرضة للإساءة ويحصلون على الحد الأدنى من حقوقهم، وكثيراً ما تستغل الشركات المحلية الفراغ التنظيمي وضعف الرقابة لصالحها، فيتم التلاعب بالأجور والرواتب لتعظيم الأرباح في حين يُحرم العمال من حصصهم القانونية.
ويشكو عاملون من استحواذ أصحاب العمل على حصص من أجور العمال -على تدنّيها- من خلال حجب الأجور المستحقة للعمال، وهو ما يؤدي لحرمان الموظفين من دخلهم الضعيف في الأساس، وإيقاعهم في دائرة من عدم الاستقرار المالي، وتحوُّل الدخل إلى ما يشبه الفُتات، وهو ما يؤثر على أداء مهام الموظف الحكومي.
وبين الحين والآخر يعبر المواطنون والعمال والتكتلات النقابية، عن احتجاجهم بمظاهرات متفاوتة تنديداً بتدهور الأوضاع المعيشية وعدم القدرة على مواكبة التضخم وارتفاع الأسعار بسبب تدني الدخل، ويرافق تلك المظاهرات قطع لشوارع عامة وإحراق للإطارات.
إلى ذلك فاقمت أزمة انقطاع الرواتب التدهور الاقتصادي في بلد يعتمد كثير من سكانه على تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج، والتي تُعتبر دولياً المورد الأول للنقد الأجنبي في اليمن.
ويندد عاملون في مناطق حكومة صنعاء باضطرارهم للعمل في المؤسسات الحكومية التي ينتسبون إليها من أجل الحفاظ على وظائفهم، دون الحصول على مستحقات تلائم طبيعة العمل والمتطلبات المعيشية وسط انقطاع المرتبات.
وتتبادل الحكومتان التُّهم بالتسبب في تدهور الوضع الاقتصادي، حيث ترى حكومة صنعاء أنَّ الطرف المقابل تسبب في هذا التدهور وانهيار العملة المحلية نتيجة الفساد وتعمُّد نقل وظائف البنك المركزي وقطع المرتبات وتوريد عائدات الثروات إلى بنوك #التحالف، في حين تقول حكومة عدن إن حكومة صنعاء تعمد إلى تسييس الملفات الإنسانية والتسبب في تداعيات الحرب على المجالات الاقتصادية والخدمية والتنموية، حسب متابعات بقش.
ويقف المواطن أمام كل ذلك بين سندان الانتظار ومطرقة الوضع الاقتصادي والتكاليف المعيشية اليومية، متكبداً بمفرده التدهور المادي والوظيفي أكثر بمرور الأيام والسنوات.