منوعات

تعرف على أسباب تحذير القرآن الكريم من اليهود؟

شمسان بوست / متابعات:

القرآن الكريم هو كلام الله الذي لا يشبهه كلام، تنزيلٌ من حكيمٍ حميد، تكفَّل الله بحفظهِ فلا يتطرق إليه نقص ولازيادةٍ، مكتوب في اللوح المحفوظ وفي المصاحف ومحفوظ في الصدور، متلو بالألسن، ميسر للتعلم والتدبر، {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.

إن هذه القبائح التي سجلها القرآن عليهم، يراها الإنسان واضحة جلية فيهم على مر العصور، واختلاف الأمكنة، ولم تزدهم الأيام إلا رسوخًا فيها وتمكنًا منها، وتعلقًا بها.

إن اليهود الذين نراهم اليوم هم اليهود الذين غَضِبَ عليهم ربُّنا ولعنهم من فوقِ سبعِ سمواتٍ، لم يختلفوا عن أجدادِهِم، بل إنهم حاربوا الإسلامَ اليوم بوسائلَ أشدّ مكرًا وأعظمَ، وما عملهم في الأقصى وجنين وغزة وسائرِ فلسطين عنكم ببعيد، وحين تردُ الآياتُ في القرآنِ تترى متحدثةً عن حال اليهودِ فإنما ليحذر الله منهم، ولذلك كان تاريخُهُم مع الإسلام وعبر التاريخ ظلامٌ في ظلام، وأيديهم القذرة ملأى بالإجرامِ، فلقد بدأت عداوةُ اليهودِ للدين منذ سطع نورهُ وأشرقت شمسه، فشرق به اليهود وأعلنوا عداوتهم له منذ أن والوه حقدًا، نَزَعَ الله النبوة مِنهم لما كانوا لها غير أهل، وجعلها لمحمدٍ، {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}.. عداوة دائمة وقائمة؟!!

وهذه بعض رذائلهم نعرضها إجمالًا، ثم نفسر الآيات الكريمة، التي تحدثت عن ذلك تفصيلًا:

أولًا: نقضهم للعهود والمواثيق.

ثانيًا: سوء أدبهم مع الله – تعالى- وعداوتهم لملائكته، وقتلهم لأنبيائه.

ثالثًا: جحودهم الحق، وكراهتهم الخير لغيرهم بدافع الأنانية والحسد.

رابعًا: تحايلهم على استحلال محارم الله تعالى.

خامسًا: نبذهم لكتاب الله، واتباعهم للسحر والأوهام الشيطانية.

سادسًا: تحريفهم للكلم عن مواضعه، ونسيانهم حظّا مما ذكروا به.

سابعًا: حرصهم على الحياة، وجبنهم عن الجهاد في سبيل الله.

ثامنًا: طلبهم من نبيهم موسى أن يجعل لهم إلهًا كما لغيرهم آلهة.

تاسعًا: عكوفهم على عبادة العجل.

عاشرًا: تنطعهم في الدين، وإلحافهم في المسألة.

وهاك الكلام مفصلًا عن كل واحدة من هذه الرذائل، التي دمغهم القرآن الكريم بها.

أولًا: نقضهم للعهود والمواثيق:

صفة نقض العهود من الصفات التي دمغ القرآن الكريم بها اليهود في كثير من آياته، والمتتبع لتاريخهم قديمًا وحديثًا يرى أن هذه الرذيلة تكاد تكون طبيعة فيهم، فقد أخذ الله عليهم كثيرًا من المواثيق، على لسان أنبيائه ورسله، ولكنهم نقضوها، وعاهدهم النبي غير مرة، فكانوا ينقضون عهدهم في كل مرة.

وفي سورة البقرة آيات كريمة صرحت بأن اليهود قد نقضوا – إلا قليلًا منهم- العهود، التي أخذها الله عليهم بأن يعبدوه، ويعملوا صالحًا، وهذه الآيات منها قوله تعالى:
أولًا:

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)

(البقرة: 83)

ومعني الآية إجمالًا: واذكروا يا بني إسرائيل؛ لتعتبروا وتستجيبوا للحق، وليذكر معكم كل من ينتفع بالذكرى – وقت أن أخذنا عليكم العهد، وأمرناكم بالعمل به على لسان رسلنا -عليهم السلام- وأمرناكم فيه بألا تعبدوا سوى الله، وأمرناكم فيه كذلك بأن تحسنوا إلى آبائكم وتقوموا بأداء ما أوجبه الله لهما من حقوق، وأن تصلوا أقرباءكم، وتعطفوا على اليتامى الذين فقدوا آباءهم، وعلى المساكين الذين لا يملكون ما يكفيهم في حياتهم، وأمرناكم فيه -أيضًا- بأن تقولوا للناس قولًا حسنًا فيه صلاحهم ونفعهم، وأن تحافظوا على فريضة الصلاة، وتؤدوا بإخلاص ما أوجبه الله عليكم من زكاة، ولكنكم نقضتم أنتم وأسلافكم الميثاق، وأعرضتم عنه، إلا قليلًا منكم استمروا على رعايته والعمل بموجبه.

والمراد ببني إسرائيل في الآية الكريمة: سلفهم وخلفهم؛ لأن هذه الأوامر والنواهي التي تناولتها الآيات الكريمة، والتي هي مضمون العهد المأخوذ عليهم، قد أخذت عليهم جميعًا على لسان أنبيائهم ورسلهم.

والدليل على أن المقصود ببني إسرائيل ما يتناول الخلف المعاصرين منهم للعهد النبوي: قوله تعالى في ختام هذه الآية:

(ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)

فإنه قد أسند إليهم فيه أنهم تولوا عن الميثاق معرضين، والإعراض عنه لا يكون إلا بعد أخذه عليهم، كما سيأتي.

وقوله تعالى:

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)

بيان للميثاق وتفصيل له، وجاء التعبير في صورة الخبر المنفي، والمراد منه النهي عن عبادة غير الله؛ لإفادة المبالغة والتأكيد، فكأن الأمر والنهي قد امتثلا فيخبر بوقوعهما، أو أنهما لأهميتهما يخبر عنهما بأنهما سيتلقيان بحسن الطاعة حتمًا، فينزل ما يجب وقوعه منزلة الواقع، ويخبر عن المأمور بأنه فاعل لما أمر به، ومجتنب لما نهى عنه في الحال، وفي ذلك ما فيه من إفادة المبالغة، في وجوب امتثال الأمر والنهي.

وقد تضمنت الآية الكريمة لونًا فريدًا من التوجيه المحكم، الذي لو اتبعوه لحسنت صلتهم مع الخالق والمخلوق؛ لأنها ابتدأت بأمرهم بأعلى الحقوق وأعظمها، وهو حق الله – تعالى- عليهم، بأن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، ثم ثنت ببيان حقوق الناس فبدأت بأحقهم بالإحسان، وهما الوالدان، لهما من فضل الولادة، والعطف والتربية، ثم بالأقارب الذين تجمع الناس بهم صلة قرابة من جهة الأب أو الأم، ورعايتهم تكون بالقيام بما يحتاجون إليه على قدر الاستطاعة، ثم باليتامى؛ لأنهم في حاجة إلى العون، بعد أن فقدوا الأب الحاني، ثم بالمساكين لعجزهم عن كسب ما يكفيهم، ثم بالإحسان إلى سائر الناس عن طريق الكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة؛ لأن الناس إن لم يكونوا في حاجة إلى المال، فهم في حاجة إلى حسن المقال، ثم أرشدتهم إلى العبادات، التي تعينهم على إحسان صلتهم بالخالق والمخلوق، فأمرتهم بالمداومة على الصلاة بخشوع وإخلاص، وبالمحافظة على أداء الزكاة بسخاء وطيب خاطر، ولعظم شأن هاتين العبادتين: البدنية والمالية ذُكرتا على وجه خاص بعد الأمر بعبادة الله، تفخيمًا لشأنهما؛ وتوكيدًا لأمرهما، وكان من الواجب على بني إسرائيل أن ينتفعوا بهذه الأوامر الحكيمة، لكنهم عموا وصموا عنها، فوبخهم القرآن الكريم بقوله:

(ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)

فإنه قد أسند إليهم فيه أنهم تولوا عن الميثاق معرضين، والإعراض عنه لا يكون إلا بعد أخذه عليهم، كما سيأتي.

وقوله تعالى:

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)

بيان للميثاق وتفصيل له، وجاء التعبير في صورة الخبر المنفي، والمراد منه النهي عن عبادة غير الله؛ لإفادة المبالغة والتأكيد، فكأن الأمر والنهي قد امتثلا فيخبر بوقوعهما، أو أنهما لأهميتهما يخبر عنهما بأنهما سيتلقيان بحسن الطاعة حتمًا، فينزل ما يجب وقوعه منزلة الواقع، ويخبر عن المأمور بأنه فاعل لما أمر به، ومجتنب لما نهى عنه في الحال، وفي ذلك ما فيه من إفادة المبالغة، في وجوب امتثال الأمر والنهي.

وقد تضمنت الآية الكريمة لونًا فريدًا من التوجيه المحكم، الذي لو اتبعوه لحسنت صلتهم مع الخالق والمخلوق؛ لأنها ابتدأت بأمرهم بأعلى الحقوق وأعظمها، وهو حق الله – تعالى- عليهم، بأن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، ثم ثنت ببيان حقوق الناس فبدأت بأحقهم بالإحسان، وهما الوالدان، لهما من فضل الولادة، والعطف والتربية، ثم بالأقارب الذين تجمع الناس بهم صلة قرابة من جهة الأب أو الأم، ورعايتهم تكون بالقيام بما يحتاجون إليه على قدر الاستطاعة، ثم باليتامى؛ لأنهم في حاجة إلى العون، بعد أن فقدوا الأب الحاني، ثم بالمساكين لعجزهم عن كسب ما يكفيهم، ثم بالإحسان إلى سائر الناس عن طريق الكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة؛ لأن الناس إن لم يكونوا في حاجة إلى المال، فهم في حاجة إلى حسن المقال، ثم أرشدتهم إلى العبادات، التي تعينهم على إحسان صلتهم بالخالق والمخلوق، فأمرتهم بالمداومة على الصلاة بخشوع وإخلاص، وبالمحافظة على أداء الزكاة بسخاء وطيب خاطر، ولعظم شأن هاتين العبادتين: البدنية والمالية ذُكرتا على وجه خاص بعد الأمر بعبادة الله، تفخيمًا لشأنهما؛ وتوكيدًا لأمرهما، وكان من الواجب على بني إسرائيل أن ينتفعوا بهذه الأوامر الحكيمة، لكنهم عموا وصموا عنها، فوبخهم القرآن الكريم بقوله:

(ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)

أي: ثم توليتم – أيها اليهود- عن جميع ما أخذ عليكم من مواثيق، فأشركتم بالله وعققتم الوالدين، وأسأتم إلى الأقارب واليتامى والمساكين، وقلتم للناس أفحش الأقوال، وتركتم الصلاة، ومنعتم الزكاة، وقطعتم ما أمر الله به أن يوصل.

وقوله تعالى: (إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ) إنصاف لمن حافظ على العهد منهم؛ حيث إنه لا تخلو أمة من المخلصين الذين يرعون العهود، ويتبعون الحق، وإرشاد للناس إلى أن وجود عدد قليل من المخلصين في الأمة لا يمنع نزول العقاب بها متى فشا المنكر في الأكثرين منها.

وقوله تعالى: (وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) جملة حالية تفيد أن الإعراض عن الطاعة، وعدم التقيد بالمواثيق، التي أقروها بها عادة متأصلة فيهم، ووصف ثابت لهم، وسجية معروفة منهم.

قال صاحب المنار: «قد يتولى الإنسان منصرفًا عن شيء وهو عازم على أن يعود إليه ويوفيه حقه، فليس كل متولٍّ عن شيء معرضًا عنه، ومهملًا له على طول الدوام؛ لذلك كان ذكر هذا القيد: (وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) لازمًا لا بد منه، وليس تكرارًا كما يتوهم.. ثم قال: وقد كان سبب ذلك التولي مع الإعراض أن الله أمرهم ألا يأخذوا الدين إلا من كتابه، فاتخذوا أحبارهم أربابًا من دون الله، يحلون برأيهم، ويحرمون، ويبيحون باجتهادهم، ويحظرون، ويزيدون في الشرائع والأحكام، ويضعون ما شاءوا من الشعائر، فصدق عليهم أن اتخذوا من دونه شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، فإن الله هو الذي يضع الدين وحده، وإنما العلماء أدلَّاء يستعان بهم على فهم كتابه، وما شرع على ألسنة رسله»(1).

وخلاصة الفرق بين التفسير الذي بدأنا به، وبين تفسير صاحب المنار، لقوله تعالى: (وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) أن هذه الجملة على التفسير الأول تبين عادة في القوم تأصلت فيهم حتى كأنها سجية، والمعنى: (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) أي أعرضتم وأنتم قوم عادتكم الإعراض، وعلى تفسير صاحب المنار تكون هذه الجملة مبينة لنوع التولي ومتممة لمعناه، والتفسير الأول -الذي سقناه- أدخل في باب الذم، وأوفى ببيان ما عليه حال اليهود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار