أخبار العالم

الرحلة 114.. يوم أسقطت فيه إسرائيل طائرة ركاب مدنية ليبية في سيناء

وكالات:

طائرة مدنية تابعة للخطوط الجوية العربية الليبية كانت في رحلة يوم 21 فبراير/شباط 1973، وتعرضت لهجوم القوات الجوية الإسرائيلية في منطقة سيناء بعد انحرافها عن مسارها، صنفت من أكبر الجرائم الإنسانية التي ارتكبت ضد مدنيين بداية سبعينيات القرن الـ20.

الطائرة وطاقمها
كانت طائرة نقل الركاب من نوع بوينغ 727، التابعة للخطوط الجوية العربية الليبية، بصدد رحلة منتظمة، رقم 114، يوم 21 فبراير/شباط 1973 تربط بين مطاري طرابلس والقاهرة الدوليين، مرورا بمدينة بنغازي الليبية.

أقلعت من مطار طرابلس الدولي في ليبيا متجهة إلى مطار القاهرة في مصر، وعلى متنها 113 شخصا من بينهم نساء وأطفال وطاقم الطائرة، وتنوعت جنسيات الركاب بين عربية وألمانية وأميركية.

كان طاقم الطائرة يتكون من 9 أفراد بقيادة الربان الفرنسي “جاك بورجار”، وإلى جانبه مساعده الليبي “المهدي عياد”، و4 فرنسيين آخرين كانوا يعملون مع كل من شركتي الطيران الفرنسية والخطوط الجوية العربية الليبية. أما الـ3 الآخرون فكانوا من جنسيات مختلفة من بينهم مضيفة لبنانية.

بداية الرحلة
أقلعت الطائرة بوينغ 727 من مطار طرابلس الدولي يوم 21 فبراير/شباط 1973، ثم توقفت لفترة وجيزة في مطار بنغازي، لتنطلق في حدود الساعة العاشرة و45 دقيقة بالتوقيت المحلي من أجل إتمام رحلتها نحو مطار القاهرة الدولي.

شعر الطاقم بعد أقل من 15 دقيقة بأن الطائرة تميل قليلا عن وجهتها وتسير في الاتجاه الشمالي، بدأ القائد يناقش الأمر مع المهندس عضو طاقم الطائرة لشعوره على ما يبدو بوجود مشكلة في تقنية تحديد مكان الطائرة.

المطاردة والإسقاط
بدأت طائرتان مقاتلتان من نوع ماكدونيل إف-4 إي فانتوم الثانية، التحليق قرب الطائرة المدنية وعمل مناورات جوية وتعقب من كل الجوانب.

فوجئ الربان الفرنسي ومن معه في الطاقم من حركات الطيارين الإسرائيليين ومن مطاردتهم، إلا أنه استمر في التحليق.

حسب بعض الروايات، فإن المقاتلتين الإسرائيليتن اقتربتا جدا من الطائرة المدنية، وتحدثت تقارير عن مسافة لم تكن تتعدى 5 أمتار.

خوف وذعر داخل الطائرة
بالموازاة مع عملية المطاردة الإسرائيلية للطائرة الليبية المدنية، خيّم الذعر وساد الخوف بين ركابها ووسط الطاقم المسؤول عن قيادتها.

الشهادات التي أدلى بها بعض الناجين من الحادث نقلت أجواء الرعب التي عاشها الضحايا في تلك اللحظة الرهيبة قبل إسقاط الطائرة.

أفادت بعض التقارير أن جميع الركاب عاينوا عن قرب هجوم الطيارين الإسرائيليين، وارتفع صراخ النساء والأطفال وأنين الركاب المتوجسين الخائفين.

بدأت الطائرة تهتز بفعل فقدانها التوازن، وصوت طلقات الصواريخ واندلاع حريق في الجزء الخلفي للطائرة زاد من حدة التوتر وعم الانهيار والهيستيريا في صفوف الركاب.

استنادا إلى رواية أحد الناجين من الحادث، يدعى فتحي جاب الله الكومي، فإن وزير الخارجية الليبي صالح بويصير، الذي كان ضمن الركاب، توجه إلى مقصورة القيادة وتأكد من أن الهجوم تشنه مقاتلات إسرائيلية، فعاد ووقف أمام الركاب وأخبرهم بأن طائرتهم تتعرض لعدوان إسرائيلي، وتلا آيات من القرآن وأوصاهم بترديد الشهادة، فكانت آخر عبارة تلفظ بها “إن عشنا فنحن سعداء، وإن متنا فنحن شهداء”.

كان الهجوم على هؤلاء ضد مبادئ القانون الدولي للطيران الذي يجرم قتل ركاب مدنيين أبرياء، إلى جانب بعض الاتفاقيات الدولية التي تمنع تغيير مسار الطائرات بالقوة أو الاستيلاء عليها، وتدخل مثل هذه الأعمال في خانة الأعمال الإرهابية.

الناجون والضحايا
أجمعت جل التقارير أنه من أصل 113 شخصا مدنيا من أعضاء الطاقم والركاب الذين كانوا على متن بوينغ 727، قتل 108، ونجا 5 فقط، ومنهم من قدم فيما بعد شهادات مؤثرة عن هذا الحادث المفجع.

والناجون من الحادث هم مساعد الطيار، المهدي عياد، وفتحي جاب الله الكومي وأسد شاكر الترهوني، من جنسية ليبية، إلى جانب الأردني عبد الله الخليلي والمصري فيصل الشريعي.

أدخل المصابون إلى مستشفى بئر السبع الإسرائيلي وبعد أيام، نقلهم الصليب الأحمر بمروحية إلى مصر لإتمام تلقي العلاج ثم عادوا إلى بلدانهم.

وكشفت بعض التقارير أن الراكب الليبي أبو بكر الحجاجي كان سادس الناجين، إلا أنه فارق الحياة بعد 15 يوما من الحادث.

وفي المقابل، توقفت عدة كتابات عند هوية بعض الضحايا، في مقدمتهم وزير خارجية ليبيا وقتها، صالح بويصير، والمخرج التلفزيوني عواض مصطفى، وعدد من الصحفيين والمراسلين المصريين.

الصندوق الأسود
بعد وقوع الحادث، توجهت أصابع الاتهام إلى إسرائيل بأنها تعمدت إسقاط الطائرة المدنية الليبية، إلا إن حكومتها لم تقر بالمسؤولية.

لكن يوم 24 فبراير/شباط 1973، وبعد العثور على الصندوق الأسود للطائرة، اعترفت إسرائيل بمسؤوليتها عن هذه الكارثة، مؤكدة أنها فعلت ذلك بتفويض شخصي من رئيس الأركان دافيد إلعازار.

وبعد سنوات على هذه الكارثة الإنسانية، رفعت السرية عن محاضر مجلس الوزراء الإسرائيلي، التي كشفت رفض إسرائيل إجراء تحقيق حول الحادث لأنها ترى أنها غير مخطئة، لأن وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها “موشي ديان”، اعتبر الهجوم العسكري على الأبرياء لم يكن مقصودا، وطالب السلطات الإسرائيلية بتقديم تعويضات مالية لعائلات الضحايا، لكن بدون جدوى.

المنظمة الدولية للطيران
كان للمنظمة الدولية للطيران المدني موقف صارم من هذا الحادث، فقد لامت الحكومة الإسرائيلية على الهجوم، وفي اجتماعها العام الاستثنائي الذي عقدته يوم الثلاثاء 27 فبراير/شباط 1973 في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، وعلى الرغم من أن أشغاله كانت مخصصة لدراسة الأمور الإدارية والمالية للمنظمة، فإنه بطلب من مصر، أدرجت قضية الطائرة الليبية، ووقف الحاضرون دقيقة صمت حدادا على الضحايا الأبرياء.

وقال مندوب مصر في كلمته إن ما وقع جريمة صارخة ضد أمن الطيران المدني الدولي، وإن الهجوم أثار قلقا عالميا، وأيده مندوب فرنسا، مشيرا إلى وجود فرنسيين ضمن الضحايا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار