واشنطن تدرس فرض عقوبات على المحكمة الدولية بسبب أوامر الاعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين
شمسان بوست / وكالات:
أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أنه سيعمل مع المشرعين الأمريكيين لبحث إمكانية فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن كشف المدعي العام للمحكمة كريم خان أنه يسعى لإصدار أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبار.
وقال بلينكن أمام جلسة استماع في الكونغرس الأمريكي إنه “ملتزم” باتخاذ إجراء ضد هذا “القرار الخاطئ للغاية”.
وتأتي تصريحات بلينكن وسط حملة يقودها الجمهوريون لفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، والتي قد تدخل مرحلة التصويت عليها خلال هذا الأسبوع.
وأيدت الولايات المتحدة قرارات سابقة للمحكمة الجنائية الدولية على الرغم من أنها ليست عضوة فيها، بما في ذلك تأييد مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا.
وفي جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الثلاثاء، تساءل كبير الجمهوريين في اللجنة جيمس ريش، عما إذا كان بلينكن سيدعم التشريع لمعالجة قرار المحكمة الجنائية الدولية “التي تتدخل في شؤون الدول التي لديها نظام قضائي مستقل وشرعي وديمقراطي”.
وردّ وزير الخارجية الأمريكي: “نريد العمل معكم على أساس ثنائي بين الحزبين لإيجاد الرد المناسب، وأنا ملتزم بالقيام بذلك”.
وأضاف بلينكن أنه “ليس هناك شك في أنه يتعين علينا أن نبحث في الخطوات المناسبة التي يجب اتخاذها للتعامل – مرة أخرى – مع القرار الخاطئ للغاية”.
وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، يوم الإثنين، عن أنه قدم طلبا لإصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
ويسعى خان أيضاً إلى إصدار أوامر اعتقال ضد ثلاثة مسؤولين في حماس، وهم يحيى السنوار، قائد الحركة في غزة، ومحمد ضيف، قائد الجناح العسكري لكتائب القسام، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن الإثنين، إن التقدم بطلب للحصول على أوامر اعتقال “أمر شائن”، مضيفاً أنه “لا يوجد أي تكافؤ بين إسرائيل وحماس”.
وعكست تصريحات بلينكن المعارضة في واشنطن لقرار المحكمة الدولية.
وقد تم بالفعل تقديم إجراءين على الأقل لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية في الكونغرس في الوقت الذي كثفت فيه المحكمة تحقيقاتها في تعامل إسرائيل مع الحرب في غزة.
ويبدو أن الدعم في الكابيتول يتجمع حول مشروع قانون طرحه النائب الجمهوري تشيب روي من ولاية تكساس في وقت سابق من هذا الشهر.
ويستهدف القانون مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية المتورطين في القضية عن طريق منع دخولهم إلى الولايات المتحدة، وإلغاء أي تأشيرات أمريكية حالية يحملونها، ومنعهم من إجراء أي معاملات عقارية داخل البلاد – ما لم توقف المحكمة قضاياها ضد “الأشخاص المحميين من قبل الولايات المتحدة وحلفائها”.
ويشارك الآن ما لا يقل عن 37 مشرعًا في مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون في صياغة التشريع، بما في ذلك إليز ستيفانيك، ثالث أعلى عضو جمهوري منصباً في المجلس.
وقد عادت ستيفانيك للتو من زيارة إلى إسرائيل، حيث التقت مع نتنياهو وتحدثت في الكنيست والتقت بعائلات الرهائن المحاصرين في غزة.
وقالت لبي بي سي في بيان إن المحكمة “تضع دولة مسالمة تحمي حقها في الوجود في مواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة التي ترتكب جرائم إبادة جماعية”.
وقال آندي بار وهو جمهوري آخر يدعم مشروع القانون من كنتاكي، إن مواصلة متابعة قضية المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل يجب أن “تقابل بالقوة الكاملة لعقوباتنا”.
ولكن ليس واضحاً حتى الأن ما إذا كان المشرعون الديمقراطيون سيدعمون هذه الجهود، إذ شهد الحزب تجاذبات بين الأجنحة المعتدلة والليبرالية حول سياسة بايدن تجاه إسرائيل لعدة أشهر، حيث دفع الناخبون التقدميون الشباب الرئيس إلى انتقاد عمليات حكومة نتنياهو في غزة بشكل أكثر حدة.
وقال جريج لاندسمان وهو أحد الديمقراطيين الذين صوتوا الأسبوع الماضي لصالح إلغاء قرار بايدن بشأن تعليق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل لبي بي سي، إنه يأمل أن يصدر الكونغرس توبيخًا من الحزبين للمحكمة الجنائية الدولية “لإرسال أقوى رسالة ممكنة”.
وأضاف لاندسمان أن “قرار السعي للحصول على أوامر اعتقال، لن يؤدي إلا إلى تأجيج التوترات والانقسامات، وتشجيع المؤامرات المناهضة لإسرائيل، وسيؤدي في نهاية المطاف إلى تقويض مصداقية المحكمة الجنائية الدولية”.
وحث رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر، على التوقيع على دعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام اجتماع مشترك للكونغرس.
وفي مارس/آذار، دعا شومر إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل، لكنه وصف قضية المحكمة الجنائية الدولية الإثنين بأنها “مستهجنة”.
وقال السيناتور كريس كونز، وهو ديمقراطي من ولاية ديلاوير وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لبي بي سي إنه غير متأكد من التحركات التي تهدف لمعاقبة مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف: “لم أقم بعد بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، وبدلاً من ذلك أترقب لمعرفة ما إذا كان الحكم الصادر عن قضاة المحكمة الجنائية الدولية سيمضي قدماً في إصدار أوامر الاعتقال، هو أمر أعتقد أنه قد يأتي في المستقبل”، واستدرك: “ربما في اليومين المقبلين”.
ومع ذلك أكد كونز أنه يناقش اتخاذ الإجراءات اللازمة مع زملائه في اللجنة من كلا الحزبين.
لكن بعض الديمقراطيين اليساريين أعربوا عن دعمهم لإجراءات المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت إلهان عمر، عضو الكونغرس عن ولاية مينيسوتا، إن مزاعم المحكمة “مهمة” ويجب على الولايات المتحدة أن تدعم عملها كما فعلت في مناسبات سابقة، بما في ذلك قضية ليبيا.
وأضافت في بيان لها الإثنين، أن “طلب أوامر الاعتقال هو مجرد بداية لعملية قضائية”، مشيرة إلى أن “المحكمة الجنائية الدولية محكمة عاملة – فقد شهدت إدانات، وتبرئة، وإقالة، كما نتوقع من هيئة قضائية محايدة وغير سياسية”.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أي جهود لفرض العقوبات قد نجحت حتى الآن في حشد الدعم اللازم لطرحها أمام مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون أو مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير للصحفيين، إن مسؤولي الإدارة يناقشون “الخطوات التالية” مع المشرعين.