والد العارضة خلود باشراحيل :ابنتي فدائية وقامت بعمل بطولي
شمسان بوست / يمن فوتشر
في أول تعليق له حول حادثة اعتقال ابنته، عارضة الأزياء خلود باشراحيل، وزوجها يحيى الشيخ، بدا خالد باشراحيل الأب فخورًا بما أقدمت عليه الموديلز العشرينية في مجتمع غير ودود مع النساء.
وقال باشراحيل، المولود في مدينة عدن ستينيات القرن المنصرم لـ”يمن فيوتشر”، إن ابنته “فدائية، قامت بعمل بطولي”، بعدما ظهرت في صور لها دون غطاء للرأس، رفقة عريسها على شاطئ مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت الشرقية، ما قاد إلى اعتقالهما من قبل السلطات الأمنية، وقضاء إجازة العيد في سجن سيئ السمعة.
وشكى باشراحيل من الإجراءات “التعسفية” للسلطات الأمنية التي ذهبت إلى “مسح الصور والفيديوهات من حائط ابنتي على فيسبوك”، واستكتابها “بتعهد عدم مزاولة العمل في مجال الموديلينج”، إلى جانب “إخضاعها وزوجها لـ جلسة مناصحة”، اسماها بجلسة “استتابة”، قبل توقيعها على “أوراق تفيد أنهما عادا إلى رشدهما”، فيما وصفها بأنها تشبه “إقرارًا بالتوبة”، في إشارة ضمنية لتهمة الإلحاد، مع أنه “لا يوجد ما يثبت إلحادهما”، حد تعبيره..
إلى نص الحوار:
•من هو خالد باشراحيل؟
-أنا من مواليد كريتر، عدن، 1963. اختصاصي زراعة، من “كلية ناصر للعلوم الزراعية” بمدينة الحوطة بمحافظة لحج، والتي كانت تتبع جامعة عدن حينها، تخرجت منها عام 1986. أعمل حاليًا، بعد تقاعدي، في مدارس خاصة معلمًا لمادتي الكمبيوتر، واللغة الإنجليزية.
•وماذا عن سيرة ابنتكم خلود؟
-خلود خالد باشراحيل من مواليد صنعاء 2003، تدرس حاليًا تخصص آداب لغة إنجليزية، بجامعة حضرموت، (غيرت تخصصها من Poli sci إلىEnglish literature). طموحة جدًا، ذكية، تهوى مجال Modeling، وتمارس العمل في هذا المجال كوسيلة للتكسب الشريف.
•خلود تصف نفسها بـ”الموديلز” أو “عارضة أزياء”؟ بماذا تفضل وصفها أنت؟
-أصف ابنتي خلود بالفدائية. لقد قامت بعمل بطولي؛ لأنها خلعت الحجاب وتظهر بكامل زينتها، وتنشر صورًا على شاطئ البحر مع زوجها. هذا عمل بطولي في مجتمع يوصف “بالمتخلف”.. ومجتمع من القرون الوسطى، مجتمع متشدد، متزمت.
كانت ابنتي فدائية من أجل كسر القيود والحرية، ومن أجل توصل رسالة إلى المجتمع وإلى العالم أن البنت يمكنها أن تقوم بتحقيق طموحاتها وأحلامها وأن ترتدي على مزاجها ولا يستطيع أحد أن يعترض طموحاتها، ورغباتها المشروعة.
•ومن هو يحيى الشيخ زوج ابنتكم خلود؟
-يحيى عمر ابن الشيخ أبو بكر زوج ابنتي خلود، شاب طموح وهادئ، يدرس في مجال الإلكترونيات، منفتح ومتنور، بنفس توجهات ابنتي خلود.
هي من اختارته شريكًا لحياتها، ومن جهتي قمت بإتمام هذا الزواج بشكل رسمي حسب التقاليد.
•ما هي آخر مستجدات قضية العريسين خلود ويحيى؟
-آخر مستجدات خلود ويحيى، أطلقوا سراحهما ثم أعادوهما من منتصف الطريق بينما كانا متجهين إلى منزلهما، قبل أن يفرجوا عنهما مجددًا بضمانة حضورية وإحالة ملفهما إلى النيابة العامة ومن ثم المحاكمة.
•كيف كان وضعهما في الحجز؟ هل استطعت رؤيتهما أو الاتصال بهما؟
-كان وضعهم في السجن بائسًا، وفي العادة لا يوجد راحة في السجن.
في البداية كانت الزيارة ممنوعة، لكنها بعد أيام من الاعتقال سُمح بها. قام بزيارتهم خال يحيى، الأخ عبدالله الخُلاقي، الذي وفّر لهم بعض الأغراض المطلوبة. وسمحوا لهم بالاتصال، وكنت قد تواصلت مع ابنتي قبل يوم من إطلاق سراحهم، بعد أن استمروا في الحجز لمدة أسبوع.
•ما هي التهم المنسوبة إليهما، وماذا أرادت السلطات للإفراج عنهما؟
-طبعًا في البداية حققوا معهم، عملوا لهم محاضر الاستنطاق. استنتجنا أن التهمة كالتالي: نشر صور، زعموا أنها خادشة للحياء من قبل خلود، والعمل بمجال الموديلينج، وهذا عمل يتنافى برأيهم، مع العادات والتقاليد الحضرمية والقيم الدينية، هذه هي التهم المنسوبة إليهم.
•ما هو رأي خلود في الشروط التي وضعتها السلطات؟ وما هو رأيك أنت لإطلاق سراح ابنتك وزوجها؟ وما هو رأي محاميكم إن كان لديكم محام؟
-بالنسبة للسلطات، أرادوا مسح الصور والفيديوهات من حائط ابنتي على فيسبوك، وقد تم مسحها فعلًا، واستكتاب خلود بتعهد عدم مزاولة العمل في مجال الموديلينج، وكذلك اخضاعها وزوجها إلى “جلسة مناصحة”، وأنا لا أسميها جلسة مناصحة إنما “استتابة”، وبعد ذلك توقيعهما على أوراق تفيد أنهما عادا إلى رشدهما، بمعنى أنها تهمة إلحاد، وهو اتهام ضمني وليس رسمي؛ لأن في نظرهم التصوير وإظهار ما يسمونها بـ”المفاتن” كالشعر، يتنافى مع الآداب والقيم الدينية، فبالتالي أي إنسان بنظرهم يمارس هذا العمل يعتبر خارجًا من الملة، هكذا يتم التفسير.
بالنسبة لابنتي، كانت ملتزمة بتعليماتهم. وقد عقدوا جلسة مناصحة بالفعل مع إمام جامع عمر، الشيخ صالح الشرفي، وأعطاهم نصائح و…إلخ، وكان رد خلود: حاضر يا شيخ، جزاك الله خير يا شيخ. وفي الأخير وقعوا على “أوراق التزام”، بالنسبة لي أسميها “إقرار توبة”.
رأيي في التهم المنسوبة إليهما هي تهم تعسفية، والسجن تعسفي، كانت شروط مجحفة وقد أرغموا ابنتي وزوجها على “جلسة المناصحة”، مع أنه لا يوجد ما يثبت إلحادهما، لكن أنت في بيت الدولة [يقصد السجن] وليس لديك أي حرية لكي تقوم بتوكيل محامي.
كانت العملية سرية وممنوع الزيارة لابنتي وزوجها وكأنهم معتقلين سياسيين. والحمد لله، الأمور بعد ذلك مرت بسلام، كانت إدارة الأمن ترغمهم على موضوع ترك العمل، مع أننا نعلم أن هناك كثيرات من يمارسن عمل (الموديلينج أو ما يُترجم عارضة أزياء) في عدن وصنعاء وتعز والمكلا، وهو ما يجعلني أتساءل: لماذا ابنتي بالذات؟ لكننا اضطررنا إلى الخضوع لمتطلباتهم؛ لأن الأمور كانت ستكبر ونحن لا نريد هذا، خاصة أن خلود ما زالت في العشرين من العمر. تعامل السلطات بالإرغام كان بعيدًا عن الإنسانية.
•لكن هناك رأي على نطاق واسع، أن خلود لم تفعل ذلك من أجل كسر القيود على الحريات، وإنما بحثًا عن الهجرة إلى أوروبا؟
-هذه ليست مشكلة. أنا حاليًا في عمر الـ62 سنة، ومع ذلك لو وجدت فرصة للهجرة إلى أوروبا سأهاجر إليها حبوًا؛ لأن أوطاننا العربية محطمة يسودها التشدد الديني، والتزمت.
• في أحد منشوراتها، كتبت خلود على سبيل المزاح ربما، أن “ما معك إلا الصبر على بناتك”.. هل كنت غير راضٍ عن اختيارات خلود في الحياة، وتمردها على الواقع المعاد للمرأة؟
-بالعكس، كنت راضيًا على اختيارات ابنتي خلود في الحياة، بل نمّيت فيها روح التمرد على كل ما هو سيئ وكل ما هو غلط في الواقع المعاش، وأنا أقر بذلك وراضٍ على اختياراتها، لكن كنت أحاول مع ذلك أهدئها وأقول لها: ربما تُصدمي في الواقع، وكنت أتوقع مواقف من جانب السلطات المحلية ولذلك كنت أحذرها، لكنها تمتلك بالفعل روح المغامرة والروح الشجاعة في مواجهة هذه الأخطار. ابنتي قوية وطموحة، وأنا فخور بكل ما قامت به. لقد حققت ابنتي ما عجزتُ أنا على أن أحققه لها. أنا فخور بها.
•هل عرضتم الأمر على مستويات أعلى من السلطات في المحافظة، كالمحافظ مثلًا؟
-لا لم نعرض الأمر على أحد من السلطات المحلية، وليس لنا أي وسيلة تواصل بالمحافظ.
• ما هي الرسائل التي تريد توجيهها وسط هذه المحنة التي تواجهها العائلة؟
-رسالتي للمجتمع: اقتدوا بخلود ومارسوا حياتكم الطبيعية وانزعوا النقاب، اللثام، عيشوا حياتكم كما ينبغي بالطول بالعرض مارسوا حقوقكم بالتعليم. لا بد أن تكون لجميعنا أحلام وطموح. فرصتنا أن نفعل ذلك الآن. لقد قامت خلود بكسر حاجز الخوف الذي في أنفسكم، يجب أن تقتدوا بها ويجب أن تسعوا جاهدين وتعتبروها مثلًا أعلى لكم.
كنت أتوقع خروج بنات وفتيات المكلا لمناصرة ومؤازرة قضية خلود، لأنه ما هي الجريمة التي عملتها ابنتي لتعامل هكذا؟ هي فتحت ومهدت لهن الطريق، ورسالتي لبناتي وأخواتي من نساء حضرموت: يجب أن تقفن معنا.
• وما هو الدرس الذي تعلمه خالد باشراحيل من تجربة ابنته خلود؟
-الدرس الذي تعلمته من التجربة التي خاضتها خلود أن الألم يصنع الأمل، ويجب على كل إنسان يسعى إلى تحقيق آماله وطموحاته أن يجتاز العقبات والعراقيل مهما كانت، وأن تكون لديه إرادة صلبة وتصميم لا يلين. هذا هو الدرس الذي تعلمته جيدًا من هذه التجربة.
• كيف يمكنك رؤية القادم بعد هذه الواقعة، سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى محافظة حضرموت؟
-أرى أن القادم مشرق، فابنتي قامت بهدم الكثير من التابوهات التي كانوا يخوفوننا بها. لقد واجهت خلود التزمت الديني والعنجهية وهي وحيدة.
أرى المستقبل مشرقًا في حضرموت، وفي المكلا بالذات، وستتذكر نساء المكلا وهن أخواتي وبناتي، موقف خلود في المستقبل القريب وسيتخذنها قدوة حسنة وسيسرن على الخط الذي رسمته ابنتي نفسه.
• ماذا تود أن تقول في “كلمة أخيرة” لابنتكم الثائرة كما يصفونها؟
-أشكر تضامنكم معنا، مع قضية ابنتي، وفعلًا كما أسميتها بـ”الثائرة”، وهي فعلًا ثائرة ومتمردة في مجتمع مغلق. أنا فخور بها، وأتمنى أن يعيش كل فرد في مجتمعنا، وعلى الأخص من ذلك النساء، حياته كما رسمها الله له.
لا يليق بمجتمعنا كتم أنفاس النساء؛ لأنهن نصف المجتمع، ويجب أن يشاركن في العمل، وفي كل شيء.