استياء واسع لدعوة المبعوث الأممي بين اليمنيين.. تهاون وعواقب وخيمة على الاقتصاد (تقرير)
استطلاع/ أمة الرحمن العفوري
في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية في اليمن وارتفاع سعر الدولار مقابل انهيار العملة المحلية، يواجه البلد تحديات ضخمة تؤثر بشكل مباشر على المواطن اليمني في كل المحافظات ، مؤخرًا دعاء المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الحكومة اليمنية بسحب قرار محافظ البنك المتعلق بعدم التعامل مع البنوك التي ما زالت تحت سيطرة جماعة الحوثي ، وهو قرار يصب في صالح الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن .
منذ بداية الحرب في اليمن، رعت الأمم المتحدة تسع جولات تفاوضية بين الأطراف المتنازعة ، بدأت هذه الجولات بمفاوضات جنيف الأولى في يونيو 2015، مرورًا بجولات أخرى في بيل (سويسرا) والكويت وستوكهولم وعمان، بالإضافة إلى مبادرات سلام متعددة مثل مبادرة كيري للسلام والإعلان المشترك. على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة، لم تحقق هذه الجولات نتائج إيجابية ملموسة على المستوى الوطني.
تأتي هذه التطورات في وقت حرج، حيث يعاني اليمنيون من أوضاع اقتصادية صعبة، ويترقب المواطن اليمني التداعيات المحتملة من دعوة المبعوث وتأثيراته على حياتهم اليومية ، في هذا الاستطلاع الصحفي، نناقش آراء الخبراء والمواطنين حول هذا القرار وتوقعاتهم لمستقبل الاقتصاد اليمني في ضوء هذه المستجدات.
عبدالقوي: التزام الحوثيين بخارطة الطريق هو المفتاح
أكد فارس عبدالقوي الخبير الإقتصادي ، أن تهدئة الوضع أو تصعيده يعتمد بشكل كبير على الالتزام الحوثي بما تم الاتفاق عليه في مبادئ خارطة الطريق ، وأوضح أن الانخراط الفعلي مع اللجان المشكلة من قبل الطرفين لحل المشاكل العالقة مثل إعادة تصدير النفط ودفع الرواتب ومعالجة ملف الخطوط الجوية اليمنية وإلغاء الانقسام النقدي وتحييد القطاع المصرفي، هو أمر حاسم.
وأشار عبدالقوي إلى أن الاتفاق جرى على المبادئ والتفاصيل والمقترحات التي من شأنها حلحلة هذه الأمور، ومن المفترض تشكيل لجان من الطرفين للتفاوض على الآلية التنفيذية والاتفاق حول الأمور المتعلقة بالملفات الأربعة، وأكد أن التصعيد أو التهدئة سيعتمد على وقف القرارات أحادية الجانب من قبل الحوثيين ومدى التزامهم بخارطة الطريق، بالإضافة إلى قدرة الأمم المتحدة والوسطاء على الضغط على الحوثيين للوصول إلى حل دائم ومستدام.
حمران: الأمم المتحدة تساهم في إطالة أمد الحرب
انتقد عرفات حمران، رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات، التدخلات الأممية في اليمن، مشيرًا إلى أنها تسعى دائمًا لإطالة أمد الحرب وإيقاف كل التحركات التي يمكن أن توصل الحرب إلى الحسم ، وأوضح حمران أن الأمم المتحدة لم تستطع إدخال المساعدات إلى غزة، متسائلًا لماذا تسري قراراتها ودعواتها على اليمن ولا تسري على إسرائيل.
من جهتها قالت الإعلامية حماس فائد أن الأزمة الاقتصادية في اليمن تتفاقم بسبب هذا الدعوة ، مما ينعكس سلبًا على الوضع المعيشي للمواطنين ويعيق قدرة الحكومة الشرعية على تقديم الخدمات الأساسية ، وأوضحت: “نحن نتمنى من الأمم المتحدة ممثلة بالمبعوث الأممي الوقوف بمستوى واحد من كافة أطراف الصراع والتوقف عن تمرير دعوات تمكن الحوثي من السيطرة والنفوذ، بالإضافة إلى ممارسة مهامها كما يجب في ملف المعتقلين والأسرى.”
البريهي: دعوا اليمنيين يقررون مصيرهم
طالبت الناشطة السياسية فريدة البريهي، المبعوث الأممي بترك اليمنيين ليقرروا ما هو في صالح وطنهم دون تدخلات خارجية ، وأشارت البريهي إلى أن الأمم المتحدة لا تتعامل بإنصاف مع اليمن وأن تدخلاتها غالبًا ما تصب في صالح جماعة أنصار الله الحوثيين على حساب الشرعية والمواطن اليمني.
وأشارت داليا محمد ناشطة مجتمعية إلى أن الدعوات المتعلقة بتعليق البنك غير مقبولة وغير منصفة وغير مناسبة للوضع اليمني الحالي، خاصة أنها جاءت لصالح الحوثيين، مما أعطاهم مزيدًا من الوقت والفرص ، وأوضحت: “نحن كشعب يمني مع الدولة كنا مستعدين لتحمل أي ضغوطات اقتصادية لفترة محددة على أمل أن هذه القرارات ستنعكس بنتائج إيجابية تشمل توحيد العملة واستقرار الصرف، مما يخفف من كاهل الأوضاع الاقتصادية على الناس.”
تابعت داليا قائلة إن هذا الدعوة له تأثير على اليمنيين بشكل عام، حيث يعني مزيدًا من المعاناة جراء انقسام العملة وفرق الصرف والتنقل جراء الوضع الحاصل ، وأوضحت أن مدينة تعز تعاني بشكل أكبر كونها مقسمة بين الشرعية وجماعة أنصار الله الحوثي، خاصة المرضى الذين يدخلون من مناطق يسطرة جماعة أنصار الله الحوثيين ، وأضافت: “رسالتي للأمم المتحدة والمبعوث الأممي هي معرفة أنهم فقط راعيين للسلام وليس لهم الحق بفرض سلام خارج إرادة الشعب وموافقة الشعب، وعليهم احترام خيارات الشعب السليمة.”
التدخلات الدولية أضرت باليمن
وجهت الناشطة الحقوقية ضياء حسن رسالة إلى المبعوث الأممي، مطالبة بوقف التدخلات التي أدت إلى شلل اليمن ، وأكدت حسن أن الفوضى التي تعيشها البلاد هي نتيجة لهذه التدخلات، وقالت: “كفوا أيديكم عن اليمن فقد أصبتموها بشلل ، أنتم والمجتمع الدولي من خلقتم الفوضى على الأراضي اليمنية”.
وأكد حلمي القدسي رئيس التجمع الوطني لأحرار اليمن ” أن دعوة المبعوث الأممي تصب في مصلحة الانقلاب، مشيرًا إلى أنه دليل واضح وجلي على مدى دعم المبعوث للانقلاب الحوثي ، وأوضح أن المجتمع الدولي يدعي محاربة جماعة أنصار الله الحوثيين ورفض الانقلابات العسكرية على مؤسسات الدولة، إلا أن دعم المبعوث الأممي يتضح في عدة قضايا، منها إيقاف معركة التحرير وتحرير الحديدة ، تابع القدسي قائلاً: “كل هذا وغيره يوضح بما لا يدع مجالًا للشك دعم المبعوث الأممي للانقلاب الحوثي، الذي ترفضه كل المنظمات والمواثيق والمعاهدات الدولية.”
وفيما يخص رسالته للمبعوث الأممي، أشار القدسي إلى ضرورة التوقف عن سياسة الكيل بمكيالين والرضوخ لمطالب الشعب اليمني الذي خرج في مظاهرات مؤيدة لقرارات محافظ البنك ، وأكد أن وقوف المبعوث الأممي مع مليشيات الانقلاب أصبح غير مقبول، ما يعمق الفجوة ويزيد من رقعة الخلافات وانهيار الاقتصاد اليمني وأن “السلام لا يمكن أن يأتي بدعوات تقف ضد إرادة اليمنيين وتعمق معاناتهم الاقتصادية وتؤدي إلى انهيار غير مسبوق للعملة المحلية.”
دعوة المبعوث الأممي تصب في مصلحة الانقلاب
وفي استطلاع إلكتروني شارك فيه 71 مواطنًا ومواطنة من مختلف المناطق اليمنية، حيث كانت نسبة المشاركات من الإناث 54.4% ومن الذكور 45.6% جغرافياً، كانت 79.4% من المشاركات من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية و20.6% من مناطق سيطرة جماعة أنصار الله الحوثيين ، أظهر الاستطلاع أن 92.6% من المشاركين يعارضون دعوة المبعوث الأممي هانز غروندبرغ بتعليق إجراءات البنك المركزي اليمني، ويرون أن لها تأثيرًا سلبيًا على حياتهم اليومية والاقتصاد المحلي، يعتقد 92.6% من المشاركين أن الدعوة ستؤدي إلى تصعيد الأوضاع الاقتصادية، بينما يرون 95.6% أن الأمم المتحدة لا تتعامل بإنصاف مع جميع الأطراف في اليمن. بالإضافة إلى ذلك لا يعتقد 73.5% من المشاركين أن هناك دورًا إيجابيًا يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة في حل الأزمة الاقتصادية ، الرسائل للمبعوث الأممي تضمنت دعوات للتراجع عن الدعوة ، ودعم الشرعية، والتعامل بحيادية، مع انتقادات لدور الأمم المتحدة في دعم جماعة الحوثي.
قرارات البنك المركزي
وكان البنك المركزي اليمني قد أصدر قرارين هامين: الأول بوقف التعامل مع ستة بنوك في مناطق سيطرة الحوثيين، والثاني بسحب الطبعة القديمة من العملة اليمنية خلال شهرين ، أمهل البنك المصارف التي تقع تحت جماعة أنصار الله الحوثيين 60 يوماً لنقل مقارها إلى عدن، مهدداً بمعاقبة المخالفين وفق قانون مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال ، القرار رقم 20 لسنة 2024، الذي أعلنه المحافظ أحمد غالب المعبقي، يوقف التعامل مع بنوك عديدة لفشلها في الالتزام بالقوانين وتعليمات مكافحة غسل الأموال ، كما دعا البنك جميع الأفراد والجهات لإيداع العملة القديمة الصادرة قبل 2016 خلال 60 يوماً، حفاظاً على سلامة القطاع المصرفي، مؤكداً عدم مسؤوليته عن أي تقاعس في تنفيذ هذه الإجراءات ، كما ردَّت جماعة أنصار الله الحوثيين بتدابير مماثلة ضد البنوك في مناطق سيطرة الحكومة، واحتجزت 4 من طائرات الخطوط الجوية اليمنية في مطار صنعاء، إثر الخلاف على إيرادات الشركة.
مظاهرات لدعم القرارات الاقتصادية
وكانت قد شهدت مدن تعز ومأرب والخوخة مظاهرات حاشدة، حيث طالب المتظاهرون الحكومة اليمنية بالاستمرار في تطبيق القرارات الاقتصادية الحازمة ضد البنوك المخالفة في مناطق سيطرة الحوثيين. وأكد المحتجون على ضرورة التمسك بالسيادة الوطنية وعدم الرضوخ للضغوط الأممية التي تسعى لإلغاء أو تأجيل هذه القرارات تحت ذرائع تجنب الأضرار الاقتصادية وحماية معيشة المواطنين ، جاءت هذه المظاهرات لتعبر عن دعم شعبي واسع للإجراءات التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والسياسي في اليمن، مع التأكيد على أهمية مواجهة التحديات بحزم لضمان مستقبل أفضل للبلاد.