عندما يتحول قادة الثورات إلى لصوص !!!
شمسان بوست / د. سعيد سالم الحرباجي
وعي الشعوب هو الضمانة الحقيقية لمنجزات الثورات ، وبغير الوعي تتحول الثورات إلى مكاسب لأشخاص ربما يكونون أسوأ من سابقيهم .
ذلك أنَّه وفي حالة غفلة من الثوار …يتسلل أولئك الأوغاد خفية حتى يتمكنوا من فرض هيمنتهم ، وبسط نفوذهم على أرض الواقع ، ثم يعملون على إنتاج نظاماً أسوأ من ذلك النظام الذي ثارت عليه الجماهير .
الجنرال (فو نوين جياب) أحد كبار أبطال الثورة الفيتنامية، زار عاصمة عربية توجد فيها فصائل فلسطينية (ثورية) في السبعينات من القرن الماضي ، فلما شاهد حياة البذخ والرفاهية التي يعيشها قادة تلك الفصائل والسيارات الألمانية الفارهة والسيجار الكوبي والبدل الإيطالية الفاخرة والعطور الفرنسية باهظة الثمن ….. ثم قارنها بحياته مع ثوار الفييت كونج في الغابات الفيتنامية…
فقال لتلك القيادات مباشرة بدون مواربة : لن تنتصر ثورتكم.!
– سألوه لماذا ؟؟
أجابهم : لأن الثورة والثروة لا يلتقيان….
الثورة التي لا يقودها الوعي تتحول إلى إرهاب..!
والثورة التي يُغدق عليها المال يتحول قادتها إلى لصوص.
إذ كيف لمدٌعي قيادة الجماهير الجائعة _ وهو مصاب بالتخمة _ أن يلهب ضميره سياط أصواتهم ؟
وكيف له أن يفكر بإصلاح الواقع ، وهو يتربع على برك من الفساد ؟
وكيف له أن يسعى لمصلحة شعبه وهو يعيش حياة البذخ ؟
وكيف ؟ وكيف ؟ وكيف ؟
يستحيل مليون مرة أن تترجل تلك القيادات – التي امتطت ظهور الجماهير الجائعة- عن سلم القيادة وذلك لسبب بسيط ( لأنها ستخسر مصالحها الشخصية ).
فهذا الوضع مريح بالنسبة لهم ، بل ومريح جداً ..
الشعوب لها الشعارات ، والقيادات لها الامتيازات ، والسلام ختام .
ولنا في فصائل المقاومة الفلسطينية خير شاهد …
لعقود من الزمن وتلك القيادات تتغنى بالثورة ، وتعزف على وتر الحرية ، وتدندن على أوجاع المقهورين والنتيجة ( مزيداً من التطبيع ، مزيداً من الاستيطان ، مزيداً من الأذلال و و و) .
ببساطة لأنَّ غايتهم تكمن في مصالحهم الشخصية ، بل وفي إبقاء الوضع كما هو …والشعب له الله !!
والحال هكذا مع كل الثورات التي ترتهن قياداتها للخارج ، وتغرق في الفساد المالي …فيتحولوا إلى لصوص على حساب تضحيات البسطاء.
ولذلك كشف طوفان الأقصى عن الوجه القبيح لكل أولئك المتسلقين على ظهور الثورات ، وأشاح الستار عن خبايا الوصليين بأسم الشعوب ..
وأثبتت قيادة المقاومة الفلسطينية أنها أهلاً للقيادة ، وأهلاً للنصر ، وأهلاً للإحترام والتقدير .
وحققت في أقل من عام مالم تححققه تلك القيادات المعتقة في عقود من الزمن.
ويكفيها شرفاً ….أنها أنهت ورقة التطبيع ، وكشفت ضعف العدو، وحطمت أسطورة جيشه الذي لا يقهر ، وعرٌت حقيقة النظام العالمي الإجرامي حامي حمى الحريات ، والداعي إلى حفظ حقوق الإنسان ،
وحشرت العدو في زاوية ضيقة ،حيث أجمعت دول العالم كلها – ما عدا أمريكا ومن على شاكلتها – على ضرورة رحيل اليهود وحصول الفلسطينيبن على استقلالهم ، وها هو (النتن ياهو) مطارد من قبل محكمة الجنايات الدولية ولا يستطيع السفر إلى كثير من الدول .
وهذا هو الفرق بين ثورة يقودها الوعي ، وثورة يقودها اللصوص .