أخبار محلية

تداعيات حرب عالمية ثالثة على اليمن والخليج.. مواقف سياسية وتحديات اقتصادية

شمسان بوست/ د. عارف محمد عباد السقاف:

إذا افترضنا نشوب حرب عالمية ثالثة بين تحالف روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية وحلفائهم (بما في ذلك لبنان والعراق وسوريا وجماعة أنصار الله) ضد أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وحلفائهم الغربيين، فإن الوضع سيكون معقدا ويعتمد على العديد من العوامل الجيوسياسية.

كيف سيكون موقف حكومة المحافظات المحررة في اليمن؟!

حكومة المحافظات المحررة، التي تمثل الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً، قد تجد نفسها في موقف صعب. نظرا للعلاقات الوثيقة مع التحالف العربي بقيادة السعودية، من المتوقع أن تكون الحكومة اليمنية الشرعية في صف التحالف الغربي بقيادة أمريكا وبريطانيا. فقد تعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري والاقتصادي من هذه القوى، وسيكون من غير المتوقع أن تصطف مع التحالف الذي تقوده روسيا، الصين، كوريا الشمالية وإيران وحلفائهم، لأن الحوثيين يُعتبرون جزءا منه.



واعتقد ان الأفضل لحكومة الشرعية هو تبني الحياد الاستراتيجي لتجنب الانخراط المباشر في الصراع. يجب التركيز على تعزيز العلاقات مع دول الخليج، خاصة السعودية، لضمان الدعم المالي و الأمني، مع استغلال الموقع الاستراتيجي لليمن لتعزيز التجارة. على الحكومة أيضا تحسين الأوضاع الداخلية من خلال دعم الزراعة والصناعة وتقوية الأمن في المناطق المحررة، مع الاستفادة من ضعف الحوثيين المحتمل بسبب انشغال حلفائهم بالحرب. هذا سيتيح لها تعزيز الاستقرار وتجنب تبعات الحرب على البلاد.


موقف السعودية ودول الخليج العربي:

المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي سيكونون في قلب الصراع، خاصة بسبب العداء المتصاعد بينهم وبين إيران، التي تُعتبر جزءا من التحالف المعادي للغرب. من المرجح أن تنضم السعودية ودول الخليج إلى جانب الولايات المتحدة وحلفائها. هذا الأمر قد يدفع المنطقة إلى حالة من التصعيد العسكري الكبير، إذ أن دول الخليج ستكون عرضة لهجمات من إيران أو جماعات حليفة لها مثل الحوثيين في اليمن أو حزب الله في لبنان أو الحشد الشعبي العراقي.

الوضع الاقتصادي والخدمات في مناطق الشرعية في اليمن:

الوضع الاقتصادي في مناطق الشرعية اليمنية سيكون كارثيا إذا دخلت هذه المناطق في حالة حرب شاملة. مناطق الشرعية تعاني من ضعف في الاقتصاد والبنية التحتية بسبب الصراع الدائر منذ سنوات. إذا اشتدت الحرب، فإن المعاناة الاقتصادية ستتفاقم. ستتعرض خطوط التجارة و التوريد العالمية للانهيار، وقد يؤدي ذلك إلى نقص حاد في الغذاء والوقود والأدوية. احتمالية الحصول على مساعدات إنسانية أو تدخل دولي لإنقاذ الأوضاع قد تصبح شبه معدومة بسبب انشغال القوى الكبرى بالحرب.



مدة الحرب، تحديد مدة الحرب سيكون صعبا، لكن إذا كانت حربا عالمية شاملة بمشاركة قوى نووية مثل أمريكا وروسيا، الصين، كوريا الشمالية، فقد تكون قصيرة الأجل ولكن ذات تأثيرات مدمرة للغاية. قد تستمر ما بين عدة أشهر إلى بضع سنوات، ولكن الدمار الشامل قد يجعل من الصعب الحديث عن فائز واضح. ستعتمد النتيجة إلى حد كبير على القرارات العسكرية والسياسية التي تُتخذ في بداية الصراع.


في حال تصاعد الحرب العالمية الثالثة إلى مستوى استخدام الأسلحة النووية، ستكون النتائج كارثية على جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. على الرغم من أن مناطق اليمن قد لا تكون أهدافا رئيسية لضربات نووية، فإن استخدام الأسلحة النووية في مناطق أخرى من العالم سيؤثر على اليمن والمنطقة بشكل غير مباشر بعدة طرق:




التأثير المباشر للضربات النووية:


إذا وجهت القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين ضربات نووية لبعضها البعض أو ضد حلفائها، فإن الدمار الواسع النطاق سيقتصر في البداية على المناطق المستهدفة. المدن الكبرى والبنية التحتية الحيوية في هذه البلدان ستكون الأكثر عرضة للتدمير.


رغم أن المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين قد لا تكون هدفا مباشرا لضربات نووية، إلا أن التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة قد يوجه ضربات قوية بالسلاح التقليدي ضد المنشآت العسكرية الحوثية المدعومة من إيران في إطار الصراع الأوسع. وفي حال استخدمت إيران أو حلفاؤها أسلحة نووية، قد يتعرض الحوثيون لمزيد من الضغط والاستهداف.


التداعيات الإشعاعية العالمية:


إذا لم تُستهدف اليمن مباشرة بالضربات النووية، فإن التداعيات الإشعاعية من استخدام الأسلحة النووية في أماكن أخرى (كإيران أو دول الخليج أو الشرق الأوسط بشكل عام) ستكون عالمية. السقوط الإشعاعي الناتج عن التفجيرات النووية يمكن أن ينتقل عبر الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تلوث الجو و المياة في مختلف المناطق. قد ينتشر هذا السقوط عبر الرياح إلى مناطق أبعد، بما في ذلك اليمن، ما سيؤثر على صحة السكان والزراعة والمياه.


المجاعة النووية قد تحدث في حالة الضربات النووية الكبيرة، حيث يؤدي الدخان المتصاعد إلى طبقات الغلاف الجوي إلى حجب ضوء الشمس و تقليل درجات الحرارة عالميا. هذا سيؤثر بشكل مباشر على الزراعة، مما يؤدي إلى نقص حاد في الغذاء في اليمن والعالم، وهو أمر كارثي لبلدان تعتمد على الاستيراد مثل اليمن.


الانهيار الاقتصادي العالمي:


استخدام الأسلحة النووية سيؤدي إلى انهيار اقتصادي عالمي. الدول التي تعتمد على النفط والغاز (مثل السعودية ودول الخليج) قد تتعرض منشآتها لضربات نووية أو تقليدية مدمرة، مما سيؤدي إلى شلل تام في إمدادات الطاقة العالمية.


هذا يعني أن اليمن، التي تعتمد على واردات النفط والغذاء، ستشهد نقصا حادا في الوقود والمواد الغذائية، وسيؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل هائل.


الهجرة الجماعية واللاجئين:



في حال استخدام أسلحة نووية في مناطق قريبة من اليمن، مثل الخليج أو إيران، فإن ذلك سيؤدي إلى موجات من الهجرة الجماعية واللاجئين الذين سيفرون من المناطق المتضررة بالإشعاع النووي. اليمن قد يشهد تدفقات هائلة من اللاجئين من دول الجوار، مما سيضع ضغطا إضافيا على الموارد الشحيحة أصلاً في اليمن.


قد تصبح أي استجابة دولية محدودة للغاية في حالة وقوع حرب نووية، حيث ستكون معظم القوى الكبرى مشغولة بإصلاح أوضاعها الداخلية ومواجهة الآثار المدمرة للضربات النووية. لن تتمكن المنظمات الدولية من تقديم مساعدات كبيرة بسبب انهيار البنية التحتية العالمية، مما يجعل اليمن، معزولة عن المساعدات الإنسانية الحيوية.

إن النتائج ستكون كارثية على العالم بأسره، بما في ذلك اليمن. على الرغم من أن اليمن قد لا يكون مستهدفا مباشرة، إلا أن الآثار الإشعاعية، المجاعة النووية، الانهيار الاقتصادي، والهجرة الجماعية ستخلق ظروفا معيشية لا تطاق في المناطق الخاضعة للحوثيين، وتؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق.

من سينتصر في الحرب؟

من الصعب التكهن بمن سيفوز في حرب عالمية نووية شاملة. التحالف الغربي بقيادة أمريكا يمتلك تكنولوجيا عسكرية متقدمة و اقتصادا عالميا أقوى، لكن التحالف الروسي-الصيني-كوريا الشمالية- الإيراني يمتلك أيضا قوة كبيرة ومواقع استراتيجية مهمة في آسيا وأوروبا الشرقية. في حال نشوب حرب نووية، قد لا يكون هناك “انتصار” تقليدي، إذ ستكون النتائج كارثية على العالم بأسره، حيث سيعاني الجميع من الدمار البيئي والبشري والاقتصادي. النتائج قد تكون دمارا شاملا للبنية التحتية العالمية، و انهيارا اقتصاديا عميقا يؤثر على جميع الأطراف.

الحرب قد تستمر لفترة محدودة و ربما تطول لكنها ستكون كارثية، وقد لا يكون هناك منتصر حقيقي فيها، بل دمار شامل يصيب جميع الأطراف.


العالم قد يواجه تراجعا كبيرا يشبه العودة إلى العصور الوسطى. البنية التحتية العالمية ستنهار، بما في ذلك الطاقة، النقل، والاتصالات، مما سيعيد الحياة إلى عصر ما قبل الثورة الصناعية. الاقتصاد الحديث سيتفكك، وستفقد العملات قيمتها، مما سيدفع المجتمعات للعودة إلى نظام المقايضة والزراعة البسيطة. مع انهيار الحكومات والمؤسسات، قد تتحول المجتمعات إلى أنظمة حكم بدائية تعتمد على الإقطاعيات و الميليشيات المحلية. ستنتشر المجاعات والأمراض بسبب نقص الموارد و الرعاية الصحية، وستعود الأوبئة القديمة إلى الظهور، إضافة إلى أمراض جديدة ناتجة عن التلوث الإشعاعي. سيزيد العنف والصراعات على الموارد الشحيحة، و ستسود الفوضى في ظل غياب نظم قانونية فعالة. التقدم العلمي والثقافي سيتراجع بشكل كبير، و ستعتمد المجتمعات على المهارات اليدوية والمعرفة المحلية للبقاء. في هذا السيناريو، سيتحول التركيز إلى البقاء اليومي، حيث تعود البشرية إلى نمط حياة شبيه بالعصور الوسطى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار