كارثة مائية.. القات يلتهم المياه ومخزون الأرض يوشك على النفاد
شمسان بوست / خاص:
تواجه مديرية المعافر واحدة من أسوأ الأزمات المائية في تاريخها، إذ لم تعد المشكلة موسمية كما كانت في السابق، بل تحولت إلى كارثة حقيقية تهدد حياة الناس ومصادر عيشهم، بفعل الاستنزاف العشوائي للمياه الجوفية والتوسع غير المنضبط في زراعة القات، في ظل غياب الرقابة وسوء إدارة الموارد.
ففي مناطق الكلايبة والمقطرية، التي كانت تعرف بوفرة مياهها، جفّت الآبار تدريجيًا أو تراجعت قدرتها على الضخ، لتتحول إلى مصدر حكر لمزارع القات. هذه الآبار تُستنزف ليلاً ونهارًا بلا ضوابط، لريّ نبتة هذه الآبار تُستنزف ليلاً ونهارًا بلا ضوابط، لريّ نبتة لا تقدم شيئًا سوى المزيد من المعاناة والانحدار في سبل العيش، في وقت يبحث فيه الأهالي عن جالون ماء للشرب، أو ما يكفي لسد احتياجاتهم اليومية الأساسية.
وتعتمد معظم مزارع القات في المعافر على آبار عميقة يتم حفرها بطرق عشوائية ودون دراسات علمية، ما تسبب في انخفاض متسارع لمستوى المياه الجوفية، وسط صمت مريب من الجهات المعنية، وتجاهل واضح من السلطة المحلية، التي اكتفت بمراقبة الأزمة تتوسع دون تحرك ملموس.
وبات الحصول على مياه الشرب تحديًا يوميًا يواجهه سكان الكلايبة والمقطرية وقرى أخرى مجاورة. المدارس والمراكز الصحية تعاني، والخزانات أصبحت فارغة، بينما المضخات لا تهدأ في حقول القات، وكأن حياة الإنسان أقل شأنًا من زراعة نبتة أنهكت الأرض والناس.
مشاهد يومية مؤلمة، لأطفال ونساء يقطعون المسافات لجلب المياه، يقابلها هدير لا يتوقف لمضخات تستنزف ما تبقى من الحياة في جوف الأرض. وتتحول قرى بأكملها إلى بؤر عطشى، في معركة غير متكافئة بين الناس ونبتة تمتص الماء وتزرع الجفاف.
القات.. نبتة تستهلك الحياة
لم يعد القات مجرد عادة يومية، بل تحوّل إلى كارثة تنموية وبيئية. فهو يستهلك كميات هائلة من المياه، دون أي مردود اقتصادي حقيقي يعود بالنفع على المجتمعات المحلية. والأسوأ من ذلك أن من يزرعه هم أول من يشتكون من الفقر والعوز، رغم أنهم يشاركون في صناعة الكارثة اليومية التي تسرق الماء والعقل والمستقبل.
نداء من المعافر
وسط هذه الأزمة المتفاقمة، يطلق أهالي الكلايبة والمقطرية نداءً مفتوحًا لكل من لا يزال يحمل حسًّا بالمسؤولية، مطالبين بتحرك عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه:
إلى المزارعين: إن الماء الذي تسقون به شجرة القات اليوم، قد لا تجده أيدي أبنائكم غدًا. عودوا إلى الزراعة التي تحفظ الأرض وتخدم الناس، بدلًا من نبتة لا تورث إلا العطش والفقر.
إلى السلطة المحلية: صمتكم لم يعد مقبولًا، وأنتم مسؤولون أمام الناس والتاريخ. تحركوا لوقف حفر الآبار العشوائية، وابدأوا بوضع ضوابط عادلة لاستخدام المياه، واحموا ما تبقى من الثروة الجوفية.
إلى منظمات المجتمع المدني والغيورين: آن الأوان لإطلاق حملات ضغط وتوعية، وإيصال صوت المعافر إلى الجهات المركزية والدولية، قبل أن تتحول إلى منطقة منكوبة فعلاً