صحة

ثورة في الطب: تقنية تكشف لأول مرة مسار كل حبة دواء داخل جسم الإنسان!

واتساب انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / متابعات:

تمكن فريق بحثي أمريكي من تطوير تقنية تصوير ثورية تكشف – ولأول مرة في تاريخ الطب – الخريطة الخلوية الكاملة لمسار الدواء داخل الجسم الحي.

وهذه التقنية المتطورة تزيح الستار عن أحد أعمق ألغاز علم الصيدلة: أين يذهب الدواء حقا بعد تناوله، وأي الخلايا يستهدفها بالضبط داخل أعضائنا المختلفة.

ولطالما اعتمدت الطرق التقليدية في تتبع الأدوية على مقاربتين رئيسيتين: الأولى تعتمد على طحن الأنسجة وتحليلها كيميائيا، والثانية تستخدم تقنيات التصوير الإشعاعي محدودة الدقة. وكلا الأسلوبين كانا يقدمان صورة ضبابية تشبه النظر إلى مدينة من خلال نافذة طائرة على ارتفاع عال، ويمكنك رؤية المعالم الكبيرة ولكنك تفقد تماما التفاصيل الدقيقة للناس في الشوارع والمباني الفردية.

وتتمثل النقلة النوعية في تقنية vCATCH الجديدة في قدرتها على الدخول إلى مستوى الخلية الفردية، حيث تعتمد على مبدأ ذكي يجمع بين كيمياء الأدوية المتطورة وعلامات التتبع الفلورية.

وتعمل التقنية بشكل خاص مع فئة “الأدوية التساهمية” التي تشكل روابط كيميائية دائمة مع أهدافها البيولوجية. ويشرح الفريق البحثي آلية العمل الدقيقة، حيث يتم أولا تزويد جزيئات الدواء بعلامة كيميائية صغيرة تشبه “الخطاف” قبل حقنها في الجسم. بينما ينتقل الدواء المعدل في مساره الطبيعي، وتبدأ عملية التتبع الحقيقية بعد جمع الأنسجة، حيث يتم معالجتها بعلامات فلورية متخصصة وجزيئات نحاسية محفزة.

لكن التحدي الحقيقي الذي واجه العلماء لم يكن في تصميم النظام، بل في كيفية جعله يعمل في أعماق الأنسجة الكثيفة. واكتشف الباحثون أن بروتينات الجسم تمتص عنصر النحاس الضروري للتفاعل الكيميائي، ما يمنع الاختراق العميق للعلامات الكاشفة. وواجهتهم معضلة تقنية دقيقة تتمثل في كيفية تمكنهم من إيصال العوامل الكاشفة إلى كل خلية في الأعضاء الكبيرة مثل القلب والدماغ دون تشويش النتائج.

وجاء الحل عبر سلسلة من الدورات العلاجية المتكررة، حيث طور الفريق نظام معالجة يتضمن ثماني دورات متتالية من غمر الأنسجة في محاليل النحاس والعلامات الفلورية.

وما يجعل هذا النظام فريدا هو الاعتماد على تقنية “كيمياء النقر” الحائزة على جائزة نوبل 2022، والتي تتميز بانتقائية كيميائية عالية تمنع أي تفاعلات جانبية قد تشوش على النتائج.

وعند تطبيق هذه التقنية المتطورة على دواء “إيبروتينيب” – أحد الأدوية الشائعة لعلاج سرطانات الدم – ظهرت مفاجأة علمية كبيرة. فبينما كان من المعروف أن هذا الدواء يسبب آثارا جانبية قلبية وعائية مثل عدم انتظام ضربات القلب ومشاكل النزيف، كشفت الخرائط الخلوية الجديدة أن الدواء لا يرتبط فقط بخلايا الدم المستهدفة، بل أيضا ينتشر بشكل كثيف في الخلايا المناعية بالكبد، وأنسجة القلب العضلية، والخلايا المبطنة للأوعية الدموية. وهذا الاكتشاف يقدم لأول مرة تفسيرا خلويا دقيقا للآليات الكامنة وراء الآثار الجانبية التي حيرت الأطباء لسنوات.

أما الدواء الثاني الذي خضع للاختبار، “أفيتينيب” المستخدم في علاج سرطان الرئة، فقد أكدت الخرائط الجديدة ما كان متوقعا من انتشاره الواسع في أنسجة الرئة، لكنها أضافت دقة غير مسبوقة في تحديد الأنواع الخلوية الدقيقة التي يستهدفها داخل هذه الأنسجة المعقدة.

ويقودنا هذا الإنجاز إلى عتبة جديدة في فهمنا للعلاجات الدوائية. فالتقنية لا تكتفي بكشف أسرار الأدوية الحالية، بل تفتح آفاقا واسعة لتطوير جيل جديد من العلاجات. ويخطط فريق البروفيسور ييه حاليا لاستخدام vCATCH في دراسات متنوعة تتراوح بين اختبار انتقائية أدوية السرطان للخلايا الورمية مقارنة بالخلايا السليمة، وتحليل الأنماط الخلوية التي تستهدفها الأدوية النفسية في الدماغ البشري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار